لاادري لماذا لاأصدق لابرلمانيينا ولا وزرائنا ولا النخبة السياسية التي تتولى زمام الامور في البلاد، باستثناء نسبة ضئيلة منهم، مع اني احاول بكل حسن نية ان افترض فيهم الصدق، بل واجهد نفسي ان افعل ذلك ..
فمثلا احاول ان اصدق تصريحات ان الكهرباء قد تحسنت واننا بصدد تصديرها لدول الجوارالعزيزة على قلوبنا ، فاتابع بشغف من خلال الاصدقاء في بغداد وتعليقات الفيسبوك ، مدى صدقية تلك التصريحات ، فيصيبني الخذلان رغم محاولات تبرير الفشل باستمرار ولنفس الاسباب !
واحاول ايضا ان اصدق ان عاصمتنا الغالية ، انظف العواصم ن فتكذب “رغباتي” تلال التفايات فيها ، واحاول ايضا ان اصدق اننا ننتج ماءا صافيا أكثر مما تنتجه الصين بمليارها وربع المليار انسان ، فاكتشف ان ماء العاصمة ملوث والبصرة مالح والناصرية بين يوم ويوم كما يقال !
واحاول بكل صدق ان اصدق كلام سياسيينا ، نوابا ووزراء و”محترفين” عن رغباتهم العارمة بحل ازمات البلاد السياسية والاتجاه الى المستقبل المشرق ، وان همّهم وديدنهم هو راحة المواطن وانقاذه من العذابات التي يعاني منها بسبب صراعاتهم السياسية على الكراسي والمناصب والامتيازات، لكني اكتشف ان اليوم التالي للتصريح ، هو يوم تصاعد لمؤشرات الازمة وتفريخها لازمة “نو نو” !
احاول ان اصدق اننا نقتل يوميا مئات الداعشيين الارهابيين ونفنيهم عن بكرة ابيهم ، لتفاجأنا اخبار اليوم التالي انهم يتمددون في جغرافية الوطن ويرفعون اعداد النازحين والمهجرين والمهاجرين !
احاول ان اصدق ان هذه الطبقة الكارثية على قلوبنا وحياتنا ، عندما تزور مخيمات اللجوء داخل الوطن ، ستلتزم بعهودها ومواعيدها ، ليصفعني الواقع ، بان كلام الليل بمحوه النهار، او ان ، تطويرا للمثل الشعبي، كلام النهار يمحوه النهار والليل معا ويصبح كالهواء في شبك !
احاول ان افعل ذلك دائما، لان من عادتي ان لاافترض الكذب في المقابل، لكنني اكتشف دائما انني في واد وما يقال في واد آخر، وان بين الصدق والكذب شعرة ما ان تكتشفها، حتى تعرف مقدار الخداع الذي يمارس ضدنا وبنا ومعنا رغم كل عذاباتنا ، بسبب شلالات الكذب التي تمارس علينا !
وتذهب محاولاتي الحسنة النية ادراج الرياح عندما اكتشف ان هواجسي هذه يشاركني فيها غالبية المواطنيين العراقيين ممن ينتظرون من مسؤولي هذي البلاد ، حديث الصدق والمصارحة ، لكن غالبا ماينتهي تعليق المواطن على تصريح المسؤول “كذّاب” والمسؤولين “كذّابين” !!
صفة غير حميدة ومذمومة دينيا واخلاقيا وعرفا واريحية وشفافية واحتراما للنفس وللآخرين ، ومع ذلك لاافقد الآمل متكئا في ذلك على المثل العراقي الشعبي “يصيبك من الكذاب كلمة صدك”..
ونحن بانتظار ان نصطاد هذه الكلمة السحرية وان طال انتظارنا !!
عامر القيسي