احد رجال الدين بجتهد فيتوصل بفطرته الى ان الارنب حشرة وعليه يحرم اكله ، ومن حق الرجل ان يجتهد ، فان اصاب فله اجرين وان اخطأ فله أجر واحد ،ولاخسارة يتحملها جراء اجتهاده ..
سياسيونا الكرام من حقنا ان نناقشهم اذا قالوا لنا ان الارنب حشرة ، كما يريدون ان يقنعونا ان حواراتهم وجدالاتهم واجتماعاتهم تدور كلها على محور واحد هو انقاذ البلاد من الازمة أو الانهيار بتعبير أدق ، وان كل التأخير والمناورات لاعلاقة لها البتة بتقسيم الحصص وحساب النقاط والنسب ، وهي فرصة للجميع للحصول على اكبر المكاسب ..
ونقول ان هذا “حق” ايضا ، فالمجتمع العراقي بالتالي من مكونات لها حقوقها ويتوجب ان يكون هناك من يدافع عنها ، على العكس تماما من اصول الدولة المؤسساتية الحضارية، والتي تتولى مهمة الدفاع عن حقوق المواطن وصيانتها دون الحاجة الى “آباء” و ” رعاة” و ” أولياء امور”..
نقول ان هذا حق تساوقا مع الواقعية السياسية وتوافقا مع الظروف ، لكن هذه المقبولية على علاتها ينبغي ان تجيبنا على السؤال الاهم :
هل كل ما يجري الآن في غرف المفاوضات هدفه وغايته ووسيلته ضمان حقوق المواطنة ؟
مزاج الشارع العراقي يذهب في الاتجاه المعاكس، ويعتقد الناس ان كل الحفلة بكل تفاصيلها الصغيرة وعناوينها الكبيرة ، لاتتعدى تأمين مصالح الاحزاب وليس المكونات والبحث عن ضمانات وليس عن حلول ومحاولة معالجة النتائج وليس وليس النبش في الاسباب للوصول الى الحقائق ..
سواء كان الارنب حشرة او ديناصورا ، وسواء كان محرما لحمه او حلالا ، فهذه من آخر اهتمامات المواطن على المستوى الديني ، ومن آخر اهتمامات المواطن سياسيا كم تكون حصة السنّة أو الشيعة أو الكرد، فهو يرى نفسه متعايشا مع كل المسميات ويتحمل مشتركا كل ازمات البلاد ت فالارهاب قتل الشيعة والسنة والكرد والمسيحيين والآيزيدين والملحدين معا .. وغياب الخدمات معاناة مشتركة للجميع باستثناء ، كما ان ضياع الوطن بهذه الطريقة المفجعة وهم مشترك للجميع ايضا ..
وفي السياسية ان يكون الارنب حشرة ، تعد من اسوأ انواع الخداع والتدليس وعدم احترام وعي المواطن وقدرته على التأكد من ان الارنب ليس حشرة ، كما بامكانه ان يكشف خدعة ان بغداد افضل من دبي ونيويورك وواشنطن ، كما هي حالة ” تصديرنا ” للكهرباء منذ عام 2012 !
من المعيب على ساستنا ان يتحدثوا بعد احد عشرعاما على التغيير ، بالمنطق الطائقي سنبّا وشيعيّا ، والمنطق القومي عربيا وكرديا ، والمنطق الديني مسيحيا ومسلما وأيزيديا وصابئيا ..
من المعيب نقسّم المجتمع ونتحدث عن وحدته
من المعيب ان نقسم البلاد ونتحدث عن وحدتها
ومن المعيب الاستخفاف بوعينا بكون الارنب حشرة منذ ان خلقها الله !!
عامر القيسي