البعض فقط يتمنى لرئيس الوزراء المكلف حيدر العبادي ان يفشل في مهمة تشكيل الحكومة الجديدة ، لغرض في نفس يعقوب ، مع ان هذا البعض ، يبدو في الاعلام من اكثر المتحمسين للنجاح..!
ونجاحه في تشكيل الحكومة مؤشر على انطلاق الخطوة الاولى الى الامام ، لكن الرجل فيما يبدو اضطر للتراجع عن اولى وعوده امام حيتان السياسية ، وهذا مؤشر سلبي في القدرة على تنفيذ الوعود المقبلة .
قال العبادي بعد عدّة ايام من تكليفه بالتشكيل الوزاري انه سائر نحو ترشيق حكومته المقبلة ، فقد اعرب ، في السادس عشر من آب الماضي، عن ” رغبته في ترشيق الحكومة المقبلة لتخفيف حجم الانفاق في الموازنة المالية، وتبني استراتيجية جديدة وبرنامج يتناغم مع أوضاع البلاد”.
و”هناك رغبة في ترشيق الحكومة المقبلة من أجل السير بعملية ترشيق النفقات في الموازنة المالية وإدارة مؤسسات الدولة باستراتيجية جديدة”.
وقال العبادي في صفحته على موقع التواصل الاجتماعي (الفيس بوك) ان” ترشيق الوزارات حسب ما يتماثل الى الحد الممكن مع الدستور مما يؤدي الى تخفيض مستوى تمثيل الوزارات الى 25 وزارة كمبدأ اولي لتخفيض المصاريف والضغط على الموازنة العامة “.
وكان مجلس النواب العراقي السابق قد صوّت في التاسع عشر من تموز من عام 2011 بالأغلبية على “ترشيق الحكومة مبدئيا” في اجتماع حضره 202 نائبا وترأسه النجيفي.
ويبدو ان رغبة الرجل اصطدمت بقوة بواقع حيتان السياسة من قادة الكتل السياسية الذين شجعوا مطلب الترشيق “مبدئيا” لكنهم وضعوا العصا في دولاب العربة بتبريرات ” مازال الوقت مبكرا” و” نحن مع الفكرة لكنها تحتاج الى وقت”.. وهؤلاء لم يقولوا لنا لماذا الوقت مبكر ولماذا الفكرة تحتاج الى وقت وتأمل وكتابة الشعر على ضفاف دجلة !
يبدو ان العبادي لم يستطع ان يصمد كثيرا امام الرغبات الجارفة للكراسي وامتيازاتها، ومن المؤسف ان اولى الاعتراضات صدرت عن التحالف الوطني نفسه وهو مرشحهم لرئاسة الوزراء !
الجميع يقر ان حكومتين للمالكي كانتا مترهلتين وينطبق عليهما المثل العراقي الشعبي ” اسمك بالحصاد ومنجلك مكسور” ..فكانت فيهما وزارات بلا فاعلية فيما تستهلك من ميزانية الدولة المليلرات ..
استبشرنا خيرا بان الرجل جاء متحمسا بنفس المواجهة والتغيير، وان الترشيق سيوفر ربما للفقراء او لمشاريع الدولة مليارات الدولارات ، وتمنينا ان ينجح في مسعاه ، مع علمنا ان مواجهة الكراسي من اصعب المهام ، لانه سيواجه مستقتلين من اجل بقاء الاوضاع مثلما هي ، ولا تمس مقدسات المصالح، حتى لوكان ذلك فيه مصلحة عامة “يسعى” البها المعترضون !
ربما ضغط الزمن والضغوطات الخارجية والرغبة في الانطلاق بحكومة جديدة ، عوامل لم تساعد الرجل على التمسك بموقفه والدفاع عنه ، فتراجع مؤجلا مشروعه الى فترة لاحقة ..
نتمنى ان لاتكون مواجهاته المقبلة ، وهي مقبلة بالتأكيد، نتائجها مثلما حصل مع “مبدأ” الترشيق الذي صوّت عليه البرلمان السابق واعلنه العبادي كاول مهامه المبدئية !!