معظم الجرائم التي ارتكبت في السنوات العشر منذ التغيير في نيسان عام 2003 ، لم تعلن نتائج التحقيق فيها حتى الآن، برغم خطورتها، وبرغم ان معظمها طال ابرياء مدنيين او عسكريين لا علاقة مباشرة لهم بالمسؤولين السياسيين في البلد.
لن تكفي مقالة للإحاطة بجميع الجرائم التي ارتكبت، التي يعرفها الناس؛ لأنهم فقدوا كثيراً من ابنائهم و أعزائهم، التي قيدت ملفاتها ضد مجهول مثلما يحدث في الافلام السينمائية.
ولم تك جريمة قاعدة “سبايكر” لتشذ عن ذلك المسار، فلقد اتفقت قوى وجهات عديدة على الايقاع بشباب ابرياء، كان همهم الوحيد اعالة عائلاتهم عن طريق التطوع في الجيش؛ اذ رأوا انه السبيل الامثل لكسب المال بطريقة مشروعة، في ظل انتشار البطالة وانعدام أي فرص لكسب الرزق.
لن نتحدث عن الجريمة بذاتها، فالخسارة كبيرة، والالم يفوق التصور؛ بما في ذلك ألم عائلات المخطوفين، التي اشارت بعض المصادر الى انهم ما زالوا أحياء محتجزين في مناطق من محافظة صلاح الدين.
لقد شهدنا في الاسابيع والايام الماضية، تخبطاً كبيراً من قبل السياسيين والنواب، كلما جرى الحديث عن ضرورة عقد جلسة علنية للبحث في الجريمة التي ارتكبت والدماء التي سالت، ومعرفة الجهات التي اوقعت بالجنود وغررت بهم، وتلك التي اقنعتهم بمرافقتهم ومواجهة مصيرهم المأساوي بأيد عزلاء باقتيادهم الى مذبحة الدم البريء.
لقد وقع العراقيون الابرياء، عسكريين ومدنيين، ضحية الانهيار في الوضع العراقي البائس، فاصبح الذين يجهرون بالاسلام والجهاد، يستهدفون اول ما يستهدفون الارواح البريئة؛ فلقد نكست مفاهيم السياسة العراقية، و ما عاد الذي يدعي معارضة الحكومة معنياً بسلوك الطرق القويمة للمواجهة، بل ينتشي باستهداف الناس في أي مكان تصل اليه يده والتنكيل بهم واهلاكهم في مجازر جماعية تسجل دائماً ضد مجهول.
وهكذا يحاول مسؤولون، وكذلك اعضاء في مجلس النواب، وممثلو قوى سياسية، عرقلة مساعي كشف جريمة سبايكر، وإشهار اسماء المسؤولين عن الكارثة ومحاسبتهم، ما أدى بمجاميع من اهالي الضحايا المغدورين الى الانتفاض، ودخول منطقة المسؤولين الخضراء المحصنة، ورفع اصواتهم بالهتافات ومطالبة مجلس النواب بالمسارعة الى عقد جلسة خاصة علنية بشأن المجزرة وضحاياها.
لم يعر السياسيون والنواب لآلام ذوي الضحايا اهمية، برغم بساطة ومشروعية مطالبهم التي اجملوها في احتجاجهم بضرورة “عقد جلسة لمجلس النواب خاصة بسبايكر، واحضار القادة العسكريين والامنيين بمن فيهم القائد العام للقوات المسلحة ووزير الدفاع وقائد القوات في محافظة صلاح الدين”.
وكانت خاتمة مطالبهم الكشف عن مصير اخوانهم وابنائهم واقاربهم المخطوفين والمعتقلين في بعض مناطق المحافظة بحسب قولهم.
فهل هناك اسهل من تنفيذ تلك المطالب قياساً الى الدماء التي سفكت، و تلك التي ستسفح فيما لو جرى تجاهل مطالب الأهالي، ولماذا يصر بعض المسؤولين والنواب على المماطلة في موضوع التحقيق والمساءلة في قضية سبايكر وضحاياها؛ هل يخشون من انكشاف اسماء بعينها تواطأت واسهمت في الجريمة ام ماذا؟!
صادق الازرقي