بعد تكليف السيد العبادي بتشكيل الحكومة ، اتى الرجل بحماسة كبيرة وروح وطنية لاشكوك حولها، وافكار قلنا ان فيها ربما الخير الكثير ، لكننا من خبرتنا بواقع حال مشهدنا السياسي المعقد والمتشابك والملتبس ، توقعنا ان يواجه الرجل عقبات ربما لايستطيع تجاوزها الا بالمعجزات ، في زمن لامكان للمعجزات فيه ، وواجه العبادي فعلا ماتوقعناه وما يعرفه ايضا ، فهو ابن العملية السياسية في البلاد ، ويعرف اسرارها اكثر مما يجوب فيه خيالنا وفكرنا في اروقة السياسة.
قال العبادي منذ بداية التكليف انه سيرشق الحكومة لـ”تخفيض المصاريف والضغط على الموازنة العامة” .. لكننا في اعلان كابينته لم نشهد ترشيقا ولا تنحيفا وهو التنصل الاول للسيد العبادي عن وعوده ..
اما التنصل الثاني فكان في اعلانه ان حكومته ستعتمد على الاكفأ وحسب ضوابط الكفاءات والتجربة والخبرة .. وما شممنا رائحة لهذا الاعلان وما شهدناه تبادلا لكراسي الوزارات مع اضافات جديدة لاتنطبق عليها مواصفات اعلان الاحلام .. وهو التنصل الثاني ..
وكان الرجل يحلم ربما بحكومة المكونات كافة ، فكانت امامنا حكومة مكونات سياسية ، كانت لاهثة وراء التقاسم المناصبي للسلطة ، فاحتج الممثل المسيحي والمكون التركماني وانسحب التحالف المدني فيما اختفى الآيزيدية والصابئة.. وهو التنصل الثالث للسيد العبادي عن وعوده ..
أكد العبادي أكثر من مرّة بقوة وثقة انه سيختار وزراءه وسيرفض من لاتنطبق عليه مواصفات الكفاءة والنزاهة .. فهل كان هذا اختياره ؟ .. الرجل اجاب بنفسه على هذا السؤال عندما قال بعد عرض كابينته الوزارية امام البرلمان ، انه لم يختر الوزراء ، وهي شكوى المالكي نفسها التي قادته الى الفشل ، وهو التنصل الرابع!!
واستطيع ان اسبق الاحداث واقول ان السيد العبادي سيرتكب التملص الخامس خلال شهر ، عندما اعلن امام البرلمان ايضا انه سيستوزر بقية الوزارات الوكالية خلال اسبوع ، ومنها الامنية ، الدفاع والداخلية والامن الوطني ..
ندرك جيدا ان الرجل يتعرض لضغوطات لاقبل له عليها ، وقلنا قبل التشكيل ، ان عليه ان يرتكن الى الجمهور كمصدر قوة له امام القوى التي تسعى لعرقلة تنفيذ افكاره وتحويلها الى واقع ..
وسيواجه العبادي ضغوطات اقوى ، وسيبقى متجاذبا بين الاقوياء اذا بقي يتحرك بافكار عائمة في فضاء السياسة الذي يتحكم به الاقوياء ، ولدى العبادي مصادر قوة في مواجهة الضاغطين، الجمهور والمرجعية والاميركان والفعاليات المدنية التي اعلنت استعدادها لدعم أية تطبيقات حقيقية لانقاذ البلاد من الازمات ..
ربما يعرف العبادي قبل غيره ايضا، مستوى الاحباط والخيبة في الشارع العراقي من التشكيلة التي قدمها ، بوجود وزراء منسحبين اصلا، وافتقارها الى الكفاءة مع شبهات البعض بالفساد المالي ..
تشكيلة ستدفعه الى مزيد من التنصلات عن وعود اخرى، ونتمنى ان يتوقف مسلسل التنصلات الى هذه الحدود..
ونذكر ان القوى السياسية النافذة في المشهد السياسي سبقت العبادي في التنصل من وعودها عندما قدمت له مرشحين من هذا الطراز، وتنصلت عن وعودها ايضا بحكومة قوية وكفوءة ومتجانسة .. وتنصلت عن اقوى وعودها بحكومة خارج المحاصصات !!
عامرالقيسي