هل يعقل ان بغداد تصبح خاليه من دور السينما وهي موجودة كبنايات بعدما كانت تزدهر منذ السنوات الممتدة من العهد الملكي الى العهود الجمهورية
دعونا نذهب في نزهة بشوارع بغداد لننعش بها ذاكرة من تقدم بهم العمر وفي قلوبهم حنين الى الماضي في رومانسية عذبة برغم ان الماضي كان مختنقا بالفقر والفقراء والجهل وشتى الامراض وقبل ذلك اسمحوا لي ان ابدا حديثي بهذا الايقاع الجنائزي وهو ليس بعيدا عن جوهر الموضوع .
ضاقت به سبل العيش وهو من عائله معدمة وعاطل عن العمل وهارب من اداء الخدمة العسكرية فكيف بمستطاعه الحصول على جواز سفر ليسافر به الى ارض الله الواسعة ولم يكن ينتمي الى حزب سياسي وانما كانت الثقافة حزبه وتمكنت جماعه معينة من تهريبه الى بيروت حيث عمل في مجلة الشعر مع الشاعرين “أودونيس وانسي الحاج” وهناك التقى بامرأة اميركية متقدمة في العمر واشترطت عليه ان يتزوجها لتنقله الى اميركا وهكذا صار فألقى مرساته في خليج سان فرانسسكو لولاية كاليفورنيا ولما استيقظ من اوهامه بشأن اميركا راح الندم يكسر عظامه وكان في حينها يتابع اخبار بغداد وما اصاب الثقافة والمؤسسات الثقافية من دمار وانحطاط وتساءل في احدى قصائده هل صحيح انهم هدموا دار السينما السندباد هذا لأننا كنا انا وهو نرتاد هذه الدار لعرضها اروع الافلام .
من هذا الانسان الذي عاش حياة حافلة بالأحزان والخسارات ؟؟؟انه الشاعر الصديق الراحل سركون بولس
طيب……لنبدأ نزهتنا بشارع الرشيد من جهة باب المعظم لنلتقي بدار سينما الوطني وعلى مسافة قريبة منها تقع دار سينما الزوراء ونمضي في نزهتنا لنلتقي بدار سينما روكسي وريكس الشتوية والصيفية ثم ننتقل الى جهة اليسار لنلتقي بدار سينما الخيام المترفة في ديكوراتها ومقاعدها الاثيرة وحضرها الزعيم المغدور عبد الكريم قاسم لمشاهدة الفيلم الهندي “ام الهند” ونعرج الى الباب الشرقي لنلتقي هناك بدور سينما ميامي وديانا وشهرزاد وعلى مبعدة من هذه الدور تقع دار سينما غرناطة التي كانت تعرض اروع الافلام الاميركية المقتبسة عن المسرحيات او الروايات ،واذا عرجنا الى شارع السعدون فأننا نلتقي بدار سينما السندباد والاشد اثارة للحزن ان البرجوازية العراقية بخلاف البرجوازية الغربية تتميز بالخوف ولا تستثمر اموالها في اقامه المصانع والشركات بل تكتفي باستثمار اموالها على بناء العقارات او المنازل لان ارباحها مضمونه شهريا في حين يشكو المواطنون بقيام اصحاب المنازل المستأجرة برفع اجور المنازل الشهرية .
والمحزن اكثر ان دور السينما في بغداد تحولت الى مسارح تعرض الفرق المسرحية مسرحيات كوميدية حافلة بالتهريج وتشترك في تمثيلها الغجريات نظرا لجمال اجسادهن في حين نرى البلدان الغربية ما تزال تعرض افلاما سينمائية في دور السينما ويرتادها الناس من جميع الطبقات
صحيح ان دخول الانترنيت في العراق تعرض القضايا في شتى الافلام السينمائية والمسلسلات والمسرحيات فلماذا يا ترى يتعب الناس انفسهم بالخروج من منازلهم في حين انهم اصبحوا يشاهدون تلك الاعمال وامامهم اقداح الشاي والعصائر والمكسرات؟؟؟؟
صادق باخان
بغداد خالية من دور السينما …لماذا؟
التعليقات مغلقة