عامر القيسي
اخيرا حزم المالكي امره وقطع الطريق على الاحتمالات والتقولات والتحليلات وضرب الاخماس بالاسداس ، وقال بكل وضوح ومن دون لبس ولا تأويل ، ولم يترك اي مجال للاجتهادات ، قال ” لن اتنازل عن ترشيح نفسي لرئاسة الوزراء ودولة القانون الكتلة الاكبر في البرلمان” كما قالها سابقا “ما ننطيهه” ورمى الكرة في ملعب الآخرين من حلفائه في التحالف الوطني المنوط به ترشيح رئيس الوزراء القادم ، مغلقا على حلفائه طروحات الاجتماع الاخير للتحالف الذي اعلن انه “التحالف الوطني” الكتلة الاكبر..
باختلاف النظر الى هذا القرار بين مؤيد ومعارض وما يمكن ان يشكله هذا القرار من اضافة تعقيدات اخرى للمشهد السياسي المعقد اصلا ، بل والغارق في التعقيدات، فان امام الائتلاف الوطني مهمة معقدة ايضا وخيارات صعبة لان الكرة في ملعبهم بصورة كاملة..
الخيارالاول تطليق التحالف الوطني كما فعل المالكي والبحث عن تحالفات جديدة لتشكيل الكتلة الاكبر داخل البرلمان، وسيجدون حلفاء على اهبة الاستعداد للاطاحة بالمالكي ، وبامكان ، الاحراروالمواطن، الحصول على مكاسب لايحصلان عليها في تحالفهما مع المالكي بعد قراره الجديد ، من بينها الحصول على منصب رئاسة الوزراء على المرتاح من دون الخوض في منافسات مع المالكي أو اي مرشح من دولة القانون..
الخيار الثاني هو الذهاب مع المالكي الى النهاية تحت عباءة الحفاظ على وحدة التحالف الوطني ،وهو خيار يعرض ماتبقى من العملية السياسية الى الانهيار وقراءة سورة الفاتحة عليها ، كما ان هذا الخيار يفتح الابواب على مصاريعها لكل المشاريع ، من الفدرلة والكونفدرلة والتقسيم، كما انه يعرض شعارات الاحرار والمواطن ومن معهما الى تساؤلات جماهيرهم ، بل وجماهير القوى الاخرى، تلك الشعارات التي طالما روجت للتغيير والبديل ورفض الولاية الثالثة !
والخياران كلاهما مر على السيدين الحكيم والصدر ، خصوصا وانهما يتعرضان لضغوطات ، اقواها الايرانية، بشأن اتخاذ موقف يحافظ على وحدة البيت الشيعي ، فيما يبدو ان المالكي ، ربما حصل على قبول ايراني لولاية ثالثة من بين اعتراضات اميركية خجولة وغير واضحة، حتى بعد الاجتماع الاخير بين وزير خارجية اميركا جون كيري والمالكي ، الذي قيل عنه بأنه كان اجتماعا خلافيا ، باستثناء الاتفاق على محاربة الارهاب ودعم حكومة المالكي بهذا الاتجاه ..
الذهاب الى البرلمان بـ”واقع الحال” سيمنح المالكي ولاية ثالثة بالـ 95 نائبا مع لملمة بعض نواب من كتل اخرى من بينهم نواب سنّة أو مايطلق عليهم “سنّة المالكي”، خصوصا وانه لايمكن تشكيل كتلة برلمانية كبيرة اخرى من دون الاحرار الصدري والمجلس الحكيمي ، فيما لو فكر التحالف الكردستاني واتحاد القوى الوطنية وائتلاف الوطنية وقوى صغيرة اخرى مواجهة كتلة المالكي التي ستكون الاكثر عددا من دون الاحرار والمجلس ..
الاحتمال الاكبر اننا سنشهد خلال الايام المقبلة حراكا سياسيا من نوع آخر ربما يسفر عن مفاجأة لاعادة ترتيب التحالفات التقليدية ، لان ضغوطات ومناورات اقناع المالكي للتنحي قد اصبحت من كلام الماضي..
في السياسة لاشيء مستحيل ، ومن هذه اللامستحيلات ان يكون اعلان المالكي ، وهو امر مستبعد، للحصول على مكاسب لائتلافه دولة القانون وحصانات له ، قبل ان يعلن انسحابه من اجل الوحدة الوطنية والحفاظ على العراق موحدا ..
من الصعب التنبؤ بما سيحصل ، لكن الاكيد ان “واقع الحال” سيجر البلاد الى ما هو اسوأ .. !!