أحلام يوسف
في تجربة علمية قام بها بعض علماء الغرب، وضع ضفدع في مياه ساخنة جدا، فقفز الضفدع منها مباشرة واستطاع القفز من الإناء في الوقت المناسب، ثم أعيدت التجربة بأن وضعوا الضفدع في وعاء قاموا بملئه بماء بارد، وتم اشعال النار تحته، بنحو تدريجي، وبدأت حرارة الماء تزداد لكن ببطء شديد، والضفدع لم يزل داخل الاناء.
لوحظ في تلك الاثناء ان الضفدع كان مع كل زيادة بدرجة حرارة الماء يعادل حرارة جسمه ليتكيف معها، وتكون معقولة بالنسبة اليه لبقائه فيها، إلى أن وصلت المياه لدرجة الغليان، والضفدع لم يزل فيها، ساكنا، لم يحاول قط التحرك او الهرب منها، حتى مات. وبرغم أن الإناء كان مفتوحا، لكنه لم يحاول القفز حتي في حالة غليان الماء.
واستنتج العلماء أن الضفدع استعمل كل طاقته في معادلة درجة حرارته وتأقلمه على المناخ الذي حوله، على الرغم من صعوبته، لكنه استطاع ان يكيف جسمه مع تلك الصعوبة المتمثلة بشدة الحرارة، إلى أن وصل الحال به الى فقدان كل طاقته، فلم يستطع ان يظل متماسكا متأقلما ولم يستطع القفز بعد ان خارت قواه، فهو لم يختر الوقت المناسب للهرب بغاية التعود والتأقلم حتى أصبح عاجزا تماما، فما الذي قتل الضفدع ؟؟؟
الكثيرون منا سيقول الماء المغلي هو الذي قتله، لكن الحقيقة أن الذي قتله، عدم قدرته على اتخاذ قرار بالقفز خارجا في التوقيت المناسب، و إصراره على أقلمه نفسه إلى حد فقد فيها الطاقة المطلوبة لإنقاذ حياته.
يجب علينا جميعا ان نعلم شيئا واحدا، اننا محتاجون الى التكيف مع ظروف الحياة والمحيط، لكننا نحتاج اكثر الى نعرف حدود هذا التأقلم، فهناك مثل يقول كل ما زاد عن حده انقلب ضده، فعلينا ان نعرف الحدود ونقف عندها لنقول كفى، ونسعى للخلاص وإنقاذ انفسنا بالوقت المناسب وقبل ان يفوت أوان التراجع او الخلاص.
يجب ان نعرف الوقت المناسب لقرار القفز خارج دائرة المحيط والوجهة التي سنقفز اليها.
يقول الباحث الاجتماعي حسن الجبوري ان الانسان وعلى مر القرون الماضية تأقلم جسمه مع عدة متغيرات بيئية، البرودة وارتفاع درجات الحرارة، فالبشر الذين يتنقلون باستمرار بين الدول ودائمي السفر يتأقلمون بشكل طبيعي مع بيئاتهم الجديدة من خلال زيادة تطوير في عدد خلايا كرات الدم الحمراء لزيادة القدرة على تحمل الأكسجين من الدم، وذلك للتعويض عن انخفاض مستويات تناول الأوكسجين. وتلك المتغيرات من السهل التأقلم معها، لكن هناك متغيرات وبيئات غير ملائمة للعيش، وتؤثر بنحو سلبي كبير على الحالة النفسية والجسدية لمن يعيش داخلها، فهل يمكن ان يتكيف الجسم والعقل معها؟ لا هناك بيئات ان استطاع احد ما التكيف والتأقلم معها فاعلمي انه بالفعل وقع بمصيدة الامراض من دون ان يعي.
اذن فكلنا لدينا القدرة على التأقلم مع المحيط، لكن هناك فرق من شخص الى شخص اخر وقدرة تحمل أيضا تختلف من شخص الى شخص اخر، وطبيعة بيئة وطبيعة الحالة المراد التأقلم معها. فان عرفنا تلك الفروقات يمكن ان نساعد أنفسنا على تحديد الوقت المناسب والوجهة المناسبة لتكون خلاصنا ومنقذنا.
حين يكون التأقلم مراً..نفقد الدفاع عن الحياة
التعليقات مغلقة