احلام يوسف
مر اسبوع على رحيل الاب والمعلم الاستاذ اسماعيل زاير رئيس تحرير “الصباح الجديد” وما زال محبوه يعجزون عن تقبل فكرة رحيله، وتقبل الدنيا وهي تخلو من نبرة صوته وروحه الجميلة.
اسبوع وما زلنا لا نستطيع الحديث في انه توفاه الاجل، لانه بالفعل حي بيننا، الاحاديث اغلبها عنه، وعن تأثير فقدانه على حياتنا جميعا.
اسماعيل زاير كان صمام الامان، نشعر في وجوده بالسكينة والاطمئنان حتى مع صراخه احيانا بسبب خطأ يكتشفه في احد المواضيع، كان يلعب دور الاب الذي بوجوده يشعر ابناؤه بالامان من دون خوف من المستقبل ومن قادم الايام، لانهم يعرفون انه سيكون خلفهم يسندهم ويمسك بهم لحظة ضعفهم، ويطمئنهم بانه موجود يحميهم من الشعور بالعجز والخيبة.
زاير كان هذا الاب لكل من عمل معه. لم يتعال يوما على احد فهو كالسنبلة المليئة بالخير ان انحنى فلاجل مد يد المساعدة لمحتاج.
كتب عنه الكثير بعد وفاته، وكلهم استذكروا مواقف جمعتهم معه، لكن ما فعله معي اظنه مختلف، قد يكون السبب لاني اجهل مواقفه جميعها مع غيري لكني اتحدث على قدر معرفتي به وبعلاقاته.
اسماعيل زاير كان كريما معي جدا، متمسكا بي لدرجة كبيرة تجعلني اشعر بالاسف على رحيله ولو مرت السنين.
في احدى المرات منحني القدر فرصة الذهاب الى اوروبا، وكنت قد قررت تقديم طلب اللجوء وعدم العودة مرة اخرى الى العراق، فاخبرني بان مكاني سيظل خاليا في الجريدة الى حين عودتي، وعندما قلت له، لن اعود، قال حسنا انا اقول فيما لو رجعت الى العراق في اي وقت حتى ولو بعد عشر سنين.
بعد سنة ونصف السنة عدت الى العراق، واتصلت به في اليوم التالي من عودتي، فضحك فرحا وامرني بالمجيء فقلت نعم بالتأكيد فقال لي “لا.. باجر تجين”. ومع اني كنت مرهقة، لكني سعدت جدا باصراره هذا، وعرفت انه صاحب كلمة، وان الكلمة التي ينطقها لها وزن وقيمة.
مع انه رئيس التحرير وله ثقل في الساحة الاعلامية ان صح التعبير والساحة السياسية ايضا، لكنه كان يحرص على متابعة اي فرد في الجريدة في حال علم انه مصاب بوعكة صحية، او ان احد افراد عائلته يمر بازمة، وقد زارني بعد اجرائي اخر عملية جراحية في البيت، مع بعض الزملاء وكان كل دقيقة يعلن فرحته لانه وجدني امشي بصورة طبيعية، فقلبه مليء بالطيبة والرقة، وان كان يحاول رسم صورة لنفسه جادة وصلبة، لكنه يظل يحمل رقة وشفافية تكفي كل من حوله.
اسبوع على رحيلك وما زلت حيا بيننا
التعليقات مغلقة