في قيصرية المتنبي كانت هناك جلسة مميزة لمجموعة من المثقفين والكتاب الذي اسهموا برفد رجالات الثقافة قبل عام الفين وثلاثة بالكتب الممنوعة من التداول، او كما تسمى الكتب المستنسخة، بمبادرة من الحزب الشيوعي العراقي، لتقدير جهودهم التي بذلوها في ذاك الوقت خاصة وان هذا الموضوع كان يمكن ان يكون ثمنه حياتهم، او حريتهم.
التقينا بأحد هؤلاء المثقفين المناضلين وهو كاظم الشويلي والذي كان احد المؤسسين لهذه الثقافة ان جاز التعبير، تحدث الينا عن رحلته وبدايتها بعد ان احيل على التقاعد وكان صاحب مكتبة في تسعينيات القرن الماضي «التقيت بالكتبي نعيم الشطري واخبرته انني انوي بيع الكتب الخاصة بي لكنه اقترح علي ان ابيع الكتب بالمتنبي، وفعلا بعت الكتب والتقيت بعد فترة بسعدون هليل، وبدأت الفكرة من اول كتاب وكان كتاب «كنت ابنا للرئيس، فسألني عن امكانية استنساخه واقترح علي ان يقوم هو ببيعه
وكانت لدي صديقة واخت تعمل بمكتبة استنساخ قرب مقبرة الغرباء في باب المعظم فقالت ان هذا العمل يمكن ان يودي بنا الى الاعدام لكني اقنعتها بان هذا عمل بطولي ومشرف».
وبالفعل قامت باستنساخ الكتاب وباعوا في اول جمعة عشرة نسخ وفي الجمعة التي تلتها 200 وكانت توزع على المعارف ومنهم ايضا على اصدقائهم ومن واحد لآخر.
واضاف الشويلي، «نجحت الفكرة وذهبت بعدها الى الدكتور عمران النداوي فاقترحت عليه شراء جهاز استنساخ وهو كان سجيناً سياسياً واخبرته انالجهاز يكلف 1100 دولار، وذهبت معه الى احد اصدقائه وطلبت منه ان يقسط لي المبلغ فوافق على الفور، واشتريت الجهاز، وبدأت بمعلية استنساخ الكتب، وكان اول كتاب هو ثلاثية لحنا بطاطا عن العراق وهي: الطبقات الاجتماعية والحركات الثورية من العهد العثماني حتى قيام الجمهورية
العراق: الحزب الشيوعي و العراق: الشيوعيون والبعثيون والضباط الاحرار واستمرينا بهذا الموضوع الى حين سقوط النظام».
الكاتب سعدون هليل تحدث ايضا كونه احد اعضاء هذا التجمع «ظاهرة الاستنساخ هو تحدي فكنا جريئين جدا، لان كل كتاب يمكن ان يودي بنا الى الاعدام، فكانت هناك كتب شيوعية واسلامية ممنوعة، وقد سجنت اكثر من مرة وفقدت احدى كلياتي في السجن لكني بقيت محافظا على روحي وشجاعتي ولم تثنني تلك الاحداث، الان كل شيء مسموح لكن للأسف الثقافة الاصولية هي التي تسيطر على الشارع.
الباحث هادي الطائي كان اشهر من يقتنون تلك الكتب المستنسخة لأنه اكثر من يبحث عنها تحدث الينا عن الموضوع قال، «كنت من مرتادي المتنبي والكتب الممنوعة المطاردة اقتنيها لأنها مدفونة تحت الارض وبالأخص الكتب المتعلقة بالزعيم عبد الكريم قاسم، فكانوا يجلبون تلك الكتب ويقومون باستنساخها امثل كاظم عودة وسعدون هليل واحمد العبادي ومعرفتي من خلال كاظم عودة لذا فكانوا يطمأنون لي فكانت عملية الشراء والبيع وكأنها منشورات توزع بسرية تامة، وقد اشتريت كتاب مذكرات لكارل ماركس الطبعة الالمانية ب3000 دينار واليوم يباع بمئات الدولارات، وادعوا اليوم الى طبع ونشر بعض الكتب لأنها تهم الشعب العراقي وخاصة كتاب «مؤامرة عبد الناصر» فهذا الكتاب يمكن من خلاله معرفة ان المؤامرة ليست وليدة حديثة بل انها منذ ذلك الزمن بدأت تحاك خيوطها وداعش الان هو احد خيوط او اركان تلك المؤامرة. لكن الكثير يجهلونها للاسف.
احتفاء باصحاب فكرة استنساخ الكتب الممنوعة
التعليقات مغلقة