عودة وتكريساً لتقليد اختطته دائرة السينما والمسرح
متابعة الصباح الجديد:
بحضور مدير عام دائرة السينما والمسرح الدكتورة اقبال نعيم ، و مدير المسارح الفنان فلاح إبراهيم ، عقدت جلسة نقدية ضحى الأربعاء الماضية في رواق دائرة السينما والمسرح للعرض المسرحي المثير للجدل (سينما) الذي يمثل حلقة جديدة في سلسلة روائع المخرج المسرحي (سينما).
وعقدت الجلسة تكريساً لتقليد سبق أن اختطته دائرة السينما والمسرح منذ عقود سابقة، حيث اعتادت الفرقة القومية للتمثيل في مديرية المسارح بدائرة السينما والمسرح على إقامة وتنظيم جلسات نقدية، عقب كل عرض تقدمه ضمن مواسمها المسرحية، حيث يقدم عدد من النقاد المعروفين قراءاتهم النقدية البناءة التي يتم من خلالها تقويم هذه العروض بحضور ملاك كل مسرحية، والمعنيين بالمسرح من كتاب، ومخرجين، وممثلين، وفنيين، وأكاديميين، واعلاميين، فضلا عن مسؤولي الدائرة.
مسرحية «سينما» كتبها واخرجها كاظم نصار لحساب الفرقة الوطنية للتمثيل في دائرة السينما والمسرح، ولعب أدوارها الفنانون: إياد الطائي، وباسل شبيب، وعلاوي حسين، وزيدون داخل، وأزهار العسلي، وصمم السينوغرافيا الدكتور جبار جودي، ودراماتورج سعد عزيز عبد الصاحب، وعرضت في المسرح الوطني.
أدار الجلسة الناقد المسرحي الدكتور سعد عزيز عبد الصاحب، وقدم فيها الناقد المسرحي الدكتور كريم شغيدل قراءته النقدية الشاملة لهذه المسرحية، نصا، واخراجا، وتمثيلا، وسينوغرافيا، وتقنيات، وحاول فيها ان يقدم مقارباته التي توقفت عند كل هذه العناصر بتفحص، وكشف نقدي مفيد ونافع، وبما يمثل وجهة نظره الخاصة التي لم تكن بالضرورة متطابقة مع آراء كثيرين ممن حضروا الجلسة النقدية، من نقاد، واكاديميين، واعلاميين، والذين أدلوا بدلائهم، وعبروا عن رؤاهم، وقراءاتهم، ومقارباتهم التي أجمعت على أهمية هذا المنجز المسرحي الجديد، للمخرج كاظم نصار الذي دخل هذه المرة من بوابة التأليف المسرحي بنجاح تام، حيث كانت هذه المحاولة تمثل التجربة الأولى في مساره المسرحي الذي عرف به مخرجا مسرحيا، متميزا بإسلوبه، لاسيما عبر الخوض العملي، والتجريبي، والابداعي الرصين لمشروعه الذي أسماه (الكابريه السياسي)، الذي عمل عليه بالتزام عال بهموم وتطلعات الانسان العراقي، والاقتراب من محنته المزمنة بخاصة بعد 2003، والذي يتسم بأسلوب الكوميديا السوداء، مستفيدًا من اسلوب العبث، ولكن بنكهة عراقية خالصة.
وقد تعاقب على منصة الجلسة عدد من النقاد، والفنانين، والاكاديميين، والإعلاميين، من بينهم: الدكتور ميمون الخالدي، والفنان القدير عزيز خيون، والناقد عباس لطيف، والفنانة نغم فؤاد، والاعلامي عدنان الفضلي، وغيرهم، حيث قدم كل منهم رؤاه الخاصة عن العرض، مؤكدين جميعا على ضرورة، واهمية ادامة وتفعيل هذا التقليد المسرحي الفعال، لخدمة فن المسرح عامة، ولعروض الفرقة الوطنية وملاكاتها بشتى اختصاصاتهم خاصة، وإشاعة روح الحوار الذي سيفضي حتما الى دعم، وتبني رؤى صناع الجمال في مجال المسرح، ويكرس ظاهرة إيجابية في ظل الإدارة الجديدة للدائرة، بقيادة الفنانة القديرة الدكتورة اقبال نعيم مدير عام الدائرة.
وفي الختام جاء دور مؤلف ومخرج المسرحية الفنان المبدع كاظم نصار، الذي شكر الدكتورة نعيم على حضورها، واهتمامها بالاستماع لجميع الملاحظات طوال الجلسة، على الرغم من التزاماتها المتعددة والمتنوعة المعروفة لدى الجميع، والعودة الى عقد مثل هذه الجلسات النقدية التقويمية، البناءة، شاكرا جميع الذين قدموا قراءاتهم ومقارباتهم النقدية، مؤكدا أن لديه قناعات بالقول: « ليست بالضرورة صحيحة، واعمل عليها، واجربها في التجربة المسرحية بمجملها. مجملا قناعاته ورؤاه التي جاءت بمنزلة توضيح لما طرح آنفا، فضلا عن ابعاد ومؤشرات ما يقوم عليه منجزه المسرحي، ومشروعه الإبداعي الخاص ( الكابريه السياسي )، الممتزج بالعبث بنحو عام لاسيما في ظل هذا المتحول الكبير الذي يشهده بلدنا العراق، والذي فاق جميع التصورات، ويتطلب من المبدعين تفاعلا يرقى الى مستوى هذا المتحول الفريد من نوعه، عربيا ودوليا، ومن جميع الوجوه بما يأتي :النص (ل)عرض على اكثر من 30 مثقفا، وفنانا عراقيا، وعربيا، قبل عرضه وكانت آراؤهم في غاية الايجابية والتأثر، والبروفة كانت عبارة عن ورشة، وفتحنا الباب للملاحظات والآراء التي تغني العرض وتعضده، وكما أرى أن من حق المخرج أن يخلط الاساليب (العبث والكابريه السياسي)، شرط توفر نظام للعرض وليس عليه الالتزام حرفيا بهما مؤكدا: تنعكس على عروض ما بعد 2003مجمل التغيرات المجتمعية والسياسية، ومن دون ذلك يصبح العرض نشاطا ثقافيا اعتياديا، وأن بريخت، وبسكاتور، وبيتر فايس، والجعايبي، وعدد من المخرجين العرب المهمين، كانت عروضهم انعكاسا للمتغيرات بعد الحرب العالمية، وبعد حرب حزيران، وعروضنا بالضرورة هي انعكاس للمتغير الاجتماعي والسياسي لما حصل في بلادنا.
وأضاف نصار: البلدان التي تشهد تحولات من الطبيعي والصحيح أن تتحول معها عروض المسرح، ويبقى الكيف مرهونا بثقافة، ووعي، وحساسية المؤلف، والمخرج، والممثل، والتقني، وتقديم رؤى موضوعية تنسجم وتتماحك مع متغيرات العالم، وعلينا أن نلتفت للظاهرة السياسية، والمجتمعية، عندما تتكرس، وليس الى السياسة اليومية المتحولة والمتحركة، لأنها زائلة ومتحولة، وتصبح بعدئذ لا قيمة لها، وهنا أرى أن بعض التوصيفات لا تنطبق على عرضنا، وعرضنا يمثل قراءة في الواقع العراقي، وليس نقلا له، مشيرا الى أن زمن التشفير، والترميز، والقناع، قد انتهى، والملفات اليوم كلها على الطاولة، انتهى زمن نصوص ليلى والذئب، والعنزة المفقودة، وابو القاسم الطنبوري، فنحن بإزاء ذائقة جديدة، ونص جديد، ووعي جديد.
وأوضح المخرج نصار: المسرح العراقي بعد 2003 ليس عقيما، ومن يريد تأكيد ذلك بالقوة، فالوقائع تدحضه، وهو توصيف انفعالي وسائب، وغير مسؤول، ونحن لا نتطير من النقد، «بعض الاصدقاء رددها بحسن نية» هذه كذبة مقصودة، من 30عاما ونحن نصغي للنقد بقضه وقضيضه، والنقد هو الذي طور تجاربنا، نستمع لنقد منهجي غير انتقائي، نسخر فقط من (كتبة التقارير النقدية للمهرجانات)، ومن الذين يشكلون اراءهم قرب ساحة كهرمانة، وقبل ان يشاهدوا العرض ويثيرون الغبار والزوابع، من دون أدلة كافية أو مقنعة.
وختم نصار كلامه بالترحيب بالحوار والنقد بالقول: مرحبا بالحوار، مرحبا بالنقد، شكرا لكل الاصدقاء الذين كتبوا عن عرضنا (سينما)، وشاركوا، وتداخلوا في الندوة النقدية، وأثروا الحوار، وأكدوا على تنوع وغنى مشهدنا المسرحي، أحييهم واحدا واحدا، وأشد على ايديهم، والى الامام..الى الامام».