الإيزيديون يحتفلون بـ “الطوافات” لأول مرة بعد طرد داعش من مناطقهم

احتفالات شعبية ورقصات فلكلورية بأجواء ربيعية قرب الموصل
نينوى ـ خدر خلات:

في ربيع كل عام، يحتفل الايزيديون بمناسبات دينية تسمى “الطوافات” والتي يقول البعض من المختصين انها قريبة من كلمة “التطواف” حول المراقد والمزارات الدينية الايزيدية في قراهم وبلداتهم، علماً ان لكل قرية ايزيدية عدداً من الطوافات والتي يتجمعون فيها حول احد المزارات قبل غروب الشمس ويتم ترتيل بعض التراتيل الدينية على روائح البخور مع بعض الموسيقى الدينية على انغام الدفوف وآلة الشبّاب (تشبه الناي).
وفي صباح الطوّافة، تتوجه الجموع الشعبية عائلات وافراداً الى نحو المزار، وتقام الدبكات الشعبية الفلكلورية، وسط حالة من البهجة والسرور لجميع فئات المجتمع.
عقب اجتياح داعش لقضاء سنجار في مطلع آب/ اغسطس 2014 وسيطرته على سهل نينوى، انكفأ الايزيديون على انفسهم، وغابت افراحهم كما توقفت الموسيقى الشعبية الشهيرة لديهم (الطبل والزرنة) عن مناداة عشاقها في ايام الطوافات.
في يوم الجمعة، اول امس، وقرب مزار (شيخوبكري) غربي بلدة بحزاني (ناحية بعشيقة 17 كلم شمال شرق الموصل) تجمع المئات من اهالي البلدة قرب المزار الذي ما زال قيد الاعمار من قبل متطوعين ومن دون أي دعم حكومي ورسمي، لاحياء طوافة الشيخوبكري.
كان صوت الطبل والزرنة هو من يستقبل الزوار من بعيد، والجموع تتوافد وتعبر العازف الشعبي للزرنة ورفيقه، في حين بعض الزوار يفضل ان يلقي (الشوباش) للعازفين تعبيرًا عن امتنانه لجهودهم في هكذا مناسبات.
في باحة المزار، تجمع المئات من الشباب والفتيات والرجال والاطفال، عقدوا دبكات شعبية راقصة بشتى الايقاعات وسط زغاريد واصوات للفرح كانت تعلو ويرد صداها من الجبل القريب، على وقع اصوات انفجارات بعيدة تأتي بين حين وحين آخر، تأتي من جهة مدينة الموصل التي تشهد معارك ضارية منذ اكثر من 4 اشهر.
قبل ان تحل الظهيرة، عادت الجموع الى ديارها شبه المهجورة في البلدة، بعضهم لتناول الغداء وبعضهم لاكمال الاستعدادات للحفلة الشعبية العفوية التي تقام عصرًا والمسماة محلياً “العصرية او عصرية الطوافة”.
في احدى ساحات القرية، بدأت الجموع تتوافد بعد الرابعة عصرًا، شابات ايزيديات يرتدين الازياء التراثية يتوافدن نحو مكان الاحتفال، وشباب بعمر الورود وبشتى الاعمار بعضهم يرتدي الملابس الحديثة وبعضهم فضل ارتداء زي تراثي كانوا بدورهم ذاهبين باتجاه مكان الحفل. عشرات الاطفال بازياء جديدة وجميلة يحملون الحلويات او المثلجات برفقة ذويهم كانوا يكملون المشهد الذي غاب لنحو 3 سنوات، في حين بعض كبار السن فضلوا التموضع بمكان قريب من ساحة الاحتفال لمشاهدة الدبكات واستعادة ذكريات الايام الخوالي.
على انغام موسيقى حديثة بدأت حلقات الدبكات الشعبية، بمشاركة العشرات من الشباب، ثم كبرت حلقة الدبكة وانضم اليها العشرات، وربما اصبح العدد بضع مئات، واصوات الفرح تعلو، والملابس الزاهية والملونة كانت سيدة المكان.
ثم كان الدور على عازفة الطبل والزرنة، الذين اشعلوا الاحتفالات بانغامهم التراثية الشهيرة لدى اهل المنطقة.
لم يكن صعباً رؤية بعض الشباب من الذكور وهم يحتسون في سياراتهم الشخصية او في مكان منزوٍ وقريب من ساحة الاحتفالات علبة بيرة.
وبرغم ان اغلب الحضور كانوا من اهل المنطقة، بعشيقة وبحزاني، لكن كان هنالك حضور لبعض اصدقائهم من بغداد وغيرها.
وبلغت الرقصات الشعبية اوجها بعد مضي ساعتين على بدئها، وكبرت حلقة الرقص الشعبية وغطت كامل اجزاء الساحة المخصصة لها وسط حضور المئات من الجمهور.
وفيما كانت النسمات الربيعية تهب، واصوات الطبل والزرنة تعانق اجواء بعشيقة وبحزاني في احتفالية شعبية لاول مرة بعد طرد تنظيم داعش الارهابي من مناطقهم، وبعدما بدأ بعض التعب يلوح على البعض، تم الاعلان عن انتهاء الاحتفالية، وسط حالة من عدم الرضا من قبل بعض المشاركين، الذين اغلبهم يعيشون حياة النزوح في محافظة دهوك واطرافها، والذين وفدوا على منطقتهم للمشاركة بهذه الاحتفالية السنوية.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة