الصحة والغذاء

أمير الحلو*

كنت أعرف المرحوم صلاح الدين سعيد منذ كان مذيعاً علاوة على وظيفته كمدرس، ولكن علاقتي توطدت به عندما أصبح رئيساً لتحرير جريدة (العراق) اليومية وزاملته فترة طويلة، وكنا جميعاً نحبه لبساطته ولكننا كنا نتأثر عندما كنا نراه وهو مريض بالسكري الذي يؤثر على نظره لديه شهية للطعام الذي يؤثر على حالته الصحية، وكان يتأثر عندما نتدخل بحبه للطعام ومخافته لتعاليم الأطباء مما جعل المرض يتفاقم عليه ويتوقف عن العمل الصحفي حتى وفاته، ولم يكن يزعل منا عندما نتحدث عن هذه الحالة لذلك أروي بعض الحوادث وأعرف أنه لا يزعل من ذلك ما دامت حقيقية.

في عام 1989 كنا كوفد إعلامي نزور الكويت بدعوة من نقابة الصحفيين الكويتيين مع الزملاء حميد سعيد وسامي مهدي وكامل الشرقي وصلاح الدين سعيد، وعندما حان موعد العشاء دخلنا الى مطعم فندق ميريديان الذي ننزل فيه وبدأ صلاح بإختيار الطعام بعناية وكان أكثره ممنوعاً عنه، كما أنه جرب كل أنواع الحلويات المليئة بالدهون والسكريات، وبعد العشاء ذهب كل الى غرفته وكنا متجاورين في طابق واحد، وقد جاء الزميل كامل الشرقي الى غرفتي لنشاهد معاً مباريات بطولة كأس الخليج العربي على شاشة التلفزيون، ثم أخذنا نتبادل الحديث الى ساعة متأخرة من الليل، وبعد الساعة الثانية سمعنا صوت عربة تسير بالقرب من غرفنا ففتحت الباب وإذا بي أجد عاملاً في المطعم وهو يدفع عربة الطعام المليئة بالأكلات الدسمة والحلويات والفواكه فسألته عن وجهته فأشار الى غرفة صلاح ثم ذهب وطرق الباب وأدخل الطعام، وقد فكرنا بكل الوسائل التي يمكن أن تمنعه من تناول هذه (الوجبة الخطيرة)، فقام الزميل كامل بالإتصال بغرفة صلاح هاتفياً وسأله إذا كان الزميل حميد سعيد عنده فأجاب كلا وأعطى رقم غرفته من دون أن يعرف من السائل، وبعد دقائق عاود الشرقي الإتصال به ليسأله إذا كان الزميل سامي عنده فنفى وأعطى رقم غرفته، وعاود الشرقي الإتصال به بشتى اللغات ولكن من دون جدوى فتركناه ولكننا وجدنا العربة صباحاً أمام غرفته وهي خالية من الطعام والحلويات.

في عام 1989 نفسه كنت وإياه في مسقط عاصمة سلطنة عمان لمناسبة ثقافية، وفي المساء أعلن الفندق الذي نحن فيه أنه يقيم مهرجاناً لأطعمة دول جنوب شرقي آسيا في حدائقه الواسعة فذهبنا وجلسنا على أحد الموائد فسألني صلاح بأية دولة نبدأ ؟ 

فقلت الصين لأن طعامها شهي ولكني حرصت على وضع القليل لأن أمامنا عدة دول يجب أن نتذوق طعامها، وما أن أنهينا طبقنا الصيني حتى دعاني لتجربة الطعام الياباني وبعد ذلك قال لي ان أطعمة كوريا وأندنوسيا وسنغافورة وماليزيا لذيذة أيضاً فإعتذرت لأني قد شبعت تماماً ولا أستطيع إكمال الشوط ولكنه إستمر حفاظاً على علاقاتنا مع تلك الدول!

رحم الله الزميل صلاح وليعذرني على سرد أمور كان يضحك عندما يروي أحداثاً مماثلة.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة