د. ميادة الباجلان
انتجت تجارب المسرحيين العراقيين في مهرجان المسرح العراقي الوطني ثمارا يانعة تمثلت بعديد الاشتغالات المسرحية بتبنيات جمالية مختلفة والذي أكده العرض المسرحي ((لوكيميا)) كما هي العروض الاخرى وهو من تأليف كاظم اللامي واخراج مصطفى كاظم وتمثيل فارس الشمري وفلاح حسن وتقديم منظمة عيون الفنية والذي مثل مغامرة مهمة للمخرج الشاب الحديث العهد وبتجارب بسيطة في الاخراج كونه قد تخرج حديثا من كلية الفنون الجميلة لكنه في لوكيميا كان شجاعا مخيالا بأدوات جمالية محترمة ..ومرد هذه المغامرة كان يكمن في الجرأة على تناول نص لكاتب عراقي مهم ذي أسم عربي تعج نصوصه بالمختلف والمغاير ثيمة وفكرا واسلوبا ويعتبر علامة من علامات النضج المسرحي العراقي الآخذ بالانفتاح على جميع القضايا التي تحكي متناولة هم الأنسان وحصار القوى لروحه ومحاولة تغييبها في اليومي المعتاد ظنا منها استهلاك طاقاته الانسانية والفكرية لينتهي به المطاف نزولا عند رغبة هذه القوى نعجة تثغو تقاد كما يريد راعيها وقردا ابلها يقلد حركات سيده دون وعي.
انطلق الكاتب في خطابه المسرحي المتصف بالدكتاتورية التي اعتاد الكاتب على تبنيها في أكثر عروضه لجر المشاهد الى منطقة حذرة قلقة هو يريدها ويعشقها لها ابعادها الاجتماعية بمختلف نظرياتها بعلامات صادمة من وحي الواقع لا قفزا عليه او عدم احترامه علامات نعيشها كل يوم باستهلاك مرير حيث أسس كاظم اللامي جماليات النص وبالتالي جماليات العرض على فرضية تفكيك بنى سيسيولوجية طفت حديثا للسطح لها مرجعيات حضورية فيما مضى انبرى لها بمعالجة جديدة وبحتمية استقصائية لابد منها معتبرا ذلك كجزء من المحايثة التي نعيشها اثرا وتأثيرا .. وهي منطقة يقصدها الكاتب ربما عاش جانبا من جوانبها ربما مرت روحه المعذبة بإحدى تلك الشخصيات بطريقة واخرى، منطقة يحاول بها ان يلخص حياتنا وتشظياتها الفلسفية بـ (الكوميك الصادم) الكوميك المحزن المبكي الهزلي الذي تستعذبه الروح .. حيث ظهر لنا هذا الانسان المعذب المكلوم المثخنة جراحه بملح السلطة والمجتمع وهي تأد احلامه وتنسف وجوده والحقيقة هي موجودة حقيقة بيننا تأكل منسآت ارواحنا كل يوم وظفها ولمعها الكاتب وزج بها هنا في الشخصية الرئيسية الرجل البائس الى اعلان عجزه التام عن تبادل الحب في حلبة الصراع الدائمة بين الرجل والمرأة هذه الحلبة البيضاء شكلا الحمراء فعلا والتي جعلها الكاتب ايقونته المهمة في النص الا وهي السرير الذي كان وما يزال مصدرا للمآسي. لذا اراد الكاتب بهذا العجز من بين ثنايا الحوار اي انه ليس حدثا مختلقا مفتعلا بلا مسوغات لا يتماهى مع اصل الحكاية بل حدثا يصنعه الحوار الشعري المثير الذي يداعب الروح مع تمازج حثي بين الاثنين كلاهما مرسل ومستقبل في ابجديات الاثارة كما هو المعروف لدى المسرحيين والذي تبنى عليه هرميات الذروة ونمو الشخصيات وبنائها وهذا الصمت وغيرها جماليات صورية تسر الناظرين.
الرجل١ : لقد تعبت لم اعد احتمل
المرأة :لا عليك ثوان و ينتهي كل شيء
الرجل ٢: لا استطيع لقد نسيت كيف ان..
كما أن الشخصية التي شطرها المخرج فيما بعد الى شخصيتين عانتا من الصوت الواحد والسلبية في عدم اصطناع وخلق صراع ولو ان المخرج اكتفى بشخصية الرجل كشخصية واحدة لكان افضل…في طرح أبجديات الصراع ودلالاتها..
..شكرا لوكيميا فقد كنت حاضرة بجمال كبير بثراء واضح والعلامات المكتنزة بالدلالات اتقن صنعها الكاتب كاظم اللامي والمخرج الصاعد مصطفى كاظم والممثلون المبدعون كل من فارس الشمري وفلاح حسن والمجموعة وبقية العاملين في منظومة السينوغرافيا.. شكرا للجميع…شكرا للمسرح الذي جمعنا على الحب.