أغاني الشباب
-1-
يعد عقد التسعينات من القرن الماضي ، الحاضنة الأهم لاستقبال او ذيوع ماعرف يومها بالأغاني الشبابية ، او أغاني الشباب ، وهذا المصطلح الذي تم الترويج له اعلامياً يومها لأسباب معروفة قد يأتي الحديث عنها في مناسبة أخرى ، يثير إشكالية من نوع خاص ، وذلك لافتقاره الى أي أساس علمي، واستناده الى دوافع سياسية وليس منطلقات فنية ، فاذا كان من الطبيعي الحديث عن (أغاني الأطفال) مثلا بحكم (خصوصية العمر والاهتمام والعقلية ) او ( أغاني الريف) بحكم التقاليد والبيئة والذوق … الخ فلا يبدو مقبولاً او حتى مستساغاً اطلاق مصطلح (أغاني الشباب) لاعتبارات عديدة في مقدمتها ان (المرحلة العمرية) للشباب تمتد الى اكثر من 40 سنة ، فهل هناك تباين من أي نوع بين ابن الثلاثين مثلاً او الخامسة والثلاثين او الأربعين او الخمسين صعوداً ؟!
بالتأكيد لاوجود لمثل هذه التباينات ، لان التباين تحكمه ثقافة المتلقي ونشأته لاثقافة العمر والسنين ، وعلى وفق ذلك علينا ابتداع مصطلحات جديدة على غرار أغاني المراهقين ، أغاني الرجال ..الكهول ..العجائز ، وانسياقاً مع هذه الافتراضات سنبتكر (أغاني البنات واغاني النساء ..الخ) خاصة بعد ان أصبحت قضايا على غرار (حقوق المرأة) و ( العنف ضد المرأة) و .. و .. شعارات لها اول وليس لها آخر برغم افتقارها الى الدليل !!
تأسيساً على ذلك ، كان من الاصوب اعتماد مصطلح (مناسب) كأن يكون (الاغنية الحديثة) لان مفردة (الحديث او الحديثة) تمتلك ما تستند اليه من مقومات ، وربما كان من الف باء معارفنا ان الحداثة تعبير غير محدد فهو يطلق في مجالات الشعر والادب والصناعة والنقل والزراعة والفكر والتربية ..الخ ، أما في مجال الغناء فيُراد بالأغنية الحديثة ماطرأ من جديد على عناصرها الرئيسة (الكلمة – اللحن – الأداء ) ..هنا أود الإشارة الى قضية أخرى ، وهي ان ( الحديث) لايلغي (القديم) ، بمعنى ينكره او يتعالى عليه ، فالشعر الحديث هو الابن الشرعي للقديم بعد ان افاد من الزمن والتجربة والتطور ، واتخذ نمطاً جديداً يوائم عصره ، وأفخم القصور الحديثة اليوم هي الابنة الشرعية لكهوف الانسان القديم واكواخ الفقراء …