لبنان يحتاج الإصلاح الجذري وإعادة هيكلة اقتصادية واسعة النطاق

الفاسدون احتجزوا البلاد «رهينة»

متابعة ـ الصباح الجديد:

وسط مجموعة الأزمات التي يعاني منها لبنان، قال اقتصاديون إن إجراء إصلاحات جذرية بات ضرورة حتمية لبقاء البلد الممزق سياسيا واقتصاديا.
وتأتي هذه التحذيرات وسط تفشي فيروس كورونا المستجد في لبنان والتي ساهمت تداعياته في زيادة خنق اقتصاد البلاد الذي لم يتعافَ حتى الآن من تبعات انفجار مرفأ بيروت الهائل في 4 أغسطس الماضي.
وشهدت مدينة طرابلس شمال لبنان امس الأول الاثنين، مواجهات بين القوى الأمنية ومتظاهرين رافضين لتمديد حالة الإغلاق التام في البلاد.
وقال وزير الاقتصاد اللبناني الأسبق، ناصر السعيدي، في تصريح نشره موقع «صوت أميركا»، إن لبنان لديه ثالث أعلى نسبة دين إلى الناتج المحلي الإجمالي في العالم، ويحتاج إلى إعادة هيكلة اقتصادية واسعة النطاق.
وأضاف: «بالمقارنة مع الدول التي واجهت أزمات اقتصادية كاليونان والأرجنتين وأيسلندا، فإن الدين العام اللبناني يتجاوز الأرقام في تلك الدول».
وأردف: «نشهد انخفاض الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في عام 2020 بنحو 20 في المئة، وهو الناتج الذي انخفض في عام 2019 بواقع 7 في المئة. هذا كساد هائل أكبر من الكساد الكبير الذي حدث في الثلاثينات».
السعيدي الذي كان وزيرا للاقتصاد والتجارة بين عامي 1998 و2000، يقول أيضا إن مليارات الدولارات من أصول لبنان المسروقة يجب أن تسترد، مشيرا إلى أن «السياسيين الفاسدين ونخبة رجال الأعمال في لبنان يجب أن يحاسبوا على ما فعلوه لإيصال البلاد إلى مثل هذا الوضع الصعب».
وقال إنهم «دمروا لبنان فعليا»، موضحا أنهم «يحتجزون لبنان الآن كرهينة».
تأتي هذه التصريحات بعد أيام من تسلم القضاء اللبناني مراسلة من السلطات السويسرية، تتضمن طلب مساعدة بتحقيق جنائي تجريه بشأن تحويلات مالية بقيمة 400 مليون دولار تخص حاكم مصرف لبنان، رياض سلامة، ومقربين منه، وفقا لوكالة فرانس برس.
ردا على ذلك، قال سلامة في بيان إن «كل الأخبار والأرقام المتداولة في بعض الإعلام وعلى مواقع التواصل الاجتماعي مضخمة جدا ولا تمت إلى الواقع بصلة، وتهدف بشكل ممنهج إلى ضرب صورة المصرف المركزي وحاكمه».
من جانبها، قالت الباحثة ليديا أسود من كلية باريس للاقتصاد، إن «النخب السياسية والتجارية قسمت القطاعين العام والخاص في لبنان فيما بينها، ما أوجد نظاما يمكنهم من خلاله جني الريع على أي نشاط اقتصادي تقريبا».
في أول تقدير للدخل القومي وتوزيع الثروة في لبنان منذ الستينيات، وجدت أسود أن «أغنى واحد في المئة من اللبنانيين يحصلون على ربع إجمالي الدخل القومي، بينما يحصل النصف الأفقر على أقل من 10 في المئة».
وحذرت أسود من أنه بدون إصلاحات جذرية وفورية، سيصبح لبنان دولة فاشلة.
وتسببت جائحة فيروس كورونا المستجد في تأجيج أزمة حادة من عدم المساواة في جميع أنحاء العالم، بحسب تقرير صادر عن منظمة أوكسفام الدولية.
ويطالب المجتمع الدولي القادة اللبنانيين بتشكيل حكومة جديدة لسن إصلاحات طال انتظارها، حتى يتسنى تدفق مليارات الدولارات من المساعدات الموعودة من قبل المانحين.
لكن محاولات رئيس الوزراء المكلف سعد الحريري بتشكيل حكومة من المتخصصين غير الحزبيين تعثرت حتى الآن؛ بسبب تنافس الفصائل السياسية على مقاعد وزارية رئيسية، وكذلك الخلافات مع الرئيس ميشال عون، الحليف المسيحي لحزب الله المدعوم من إيران.
ومنذ أكتوبر الماضي، خسرت الليرة اللبنانية أكثر من 70 في المئة من قيمتها أمام الدولار الأميركي، ما ساهم في ارتفاع أسعار السلع والخدمات في البلاد، الأمر الذي يدخل البلد بأسوأ أزمة اقتصادية جعلت الكثير من المواطنين في حالة فقر.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة