أ . د . نجاح هادي كبة
1 – العنونة :
رواية لحنون مجيد صادرة العام 2020م , ط1 , , عن دار الأمل في سوريا , بحدود ( 267 ) صفحة من القطع المتوسط تقريباً , وعنوان الرواية يحيل بالضرورة الى مصطلح ( قتل الأب ) في التاريخ القديم اذ تمتع بطوطمية خاصة في التملك المادي والمعنوي , ما أثار حفيظة أولاده فقتلوه وتقاسموا أمواله وكذلك رواية موت الأم عكست الصراع الاجتماعي والواقع السياسي والعسكري الذي عجل بموت الام في عراقنا الحبيب والعنوان موازٍ لمضمون الرواية بحسب مقولة جيرار جنيت العنوان مفتاح النص أو مناص له .
2 – مقصد الرواية :
الرواية عالجت مشكلات اجتما – سياسية انعكست عليها شخصية الروائي وموقفه من الأحداث التي يمر بها بلده العراق , فالروائي يساري الاتجاه ما جعله يرجع المشكلات الاجتما – السياسية الى الواقع الحربي وواقع السياسة والاقتصاد في بلده وان جاء ذلك مؤطرا للرواية قياسا الى صلب الاحداث ولا سيما حين عكس السارد الحب بين شخصية عبد الغفور الماركسي وسعاد زوجة الشيوعي الذي توفي فتزوجها عبد الغفور على زوجته الاولى ( ليلى ) بعد قصة حب طويلة نتيجة مرض زوجته الأولى التي اسهمت في تدهور صحتها العوامل السيا – العسكرية , جاء على لسان رأفت عبد الغفور : ( حملت نفسي على متابعة جسدها الذابل يُنقل الى غرفتها , وكل شيء في قلبي يفور , تبعتها الى هناك , أتطلع الى كيانها المرتجف ووجهها الشاحب وأرنو الى السماء وأقول يا , رب ) ص : 9 .
ويضيف رأفت ( نطرحها من بعد على سريرها ونزداد نقمة على شيء مجهول , اسمه طائرة حربية تمر من فوق سطحنا بسرعة مذهلة وصوت يصم الأذان , وأمنا أول صعودها الى السطح تنشر غسيل ملابسها ) ص : 154 وجاء على لسان آمال عبد الغفور : ( باتت تربّت على ظهرها وهذه مستنيمة وعيناها تسحان دموعاً على صدرها , التفت اليّ بعينين مستنكرتين , ماذا حصل لها ؟ الطائرة الامريكية , أما سمعت بها ؟ نعم مرت من فوق رؤوسنا حتى كادت تهد حيطان المدرسة علينا , وأبي , أين أبي , ثم أين جدتي … رأفت أما طابت أمك … لا شيء , لا شيء , أمي معافاة , ولم يحدث لها سوء , جعلتُ أتدارك حالة آمال وليس من أحد يدريني , ما سيؤول اليه حالها بعد ) ص : 171 .
3 – شخصيات الرواية :
تدور احداث الرواية بين عائلة تضم الأب عبد الغفور والأم ليلى والأخت آمال والأخ رأفت والأخت نزهت التي لم يكن لها دور في السرد , لأنها تزوجت وسكنت كركوك واكثر الشخصيات التي حركت السرد هو الاب عبد الغفور والام ليلى والأخ رأفت ثم آمال , وهناك شخصيات أخرى ترتبط بهذه العائلة من الناحية الاجتماعية بخاصة قد أكملت عملية السرد ووظف الروائي في إدارة السرد التداعي الحر والمنلوج الداخلي والخارجي واستبطان الشخصيات أو ما جاء على لسان الراوي العليم كقوله : ( لم يشغل سعاد في وحدتها الجافة وبعيداً عن اجترار الآلام سوى ما خلّف لها زوجها من كتب في السياسة والفكر والأدب والتلفاز وهي تنتقل عبره من مسلسل الى آخر ومحطة الى أخرى وكلبها وهو يتنقل على سريرها وعلى جسدها , وأي مكان يختاره هنا أو هناك ليرقد عليه أو ينام فيه ) ص : 179 ويستبطن الراوي العليم أو الضمني شخوصه بأسلوب التحليل النفسي ولا سيما في وصف العلاقة بين عبد الغفور وسعاد : ( وضعت كفيها على المنضدة طائران يستدعيان طائرين يحومان قريباً منهما . اشتبكت الأجنحة في وصال ناعم , يشف عن لهيب كامن لرغبة لا يطفئها المطر الذي انصب متهاوداً منذ ان رطب شفتيه بحلاوة شفتيها ) ص : 181 .
4 – لغة الرواية :
حنون مجيد شاعر قبل ان يتوجه للقصص وبناء على ذلك فهو يمتلك قدرة شاعرية في سرد الأحداث إلّا إذا خامر السرد المباشرة وقول الحقيقة فيضخ اسلوبه بالحكمة وطول الأناة وله القدرة على الوصف الشاعري مع التحليل ووصف الاحداث في السرد كبيرها وصغيرها وهو يميل الى المدرسة الطبيعية في الوصف والتحليل جاء عن العلاقة بين رأفت وام سمير ( ضمتني اليها بلهفة جامحة وختمت قبلة عميقة على فمي قطعت انفاسي وهي تتعرف بلمس كما قالوا غير مقصود على محرار لهيبي والتهابي , وتغلق خلفنا الباب .. وهي تعود تضمني اليها بصورة أشد , تطوقني بذراعيها وتحثني على أن أطوّقها بذراعيّ وأكاد أخترق ملابسها , تسحب يدها اليمنى من وراء ظهري وتفتح زيقها , وتلقم فمي حلمة ثديها , حتى تصبح أقرب اليّ من روحي , تلهج بلغة فائرة يشوبها نواح معتم , أنت ابني , أنت روحي , أنت حبيبي ! ) ص : 202 .