موسوعةُ المسرح العراقي .. منجزٌ متحققٌ لم ير النور

أ.د  علي محمد هادي الربيعي

ارتأت الهيأة الدولية للمسرح أن تُصدِّر (موسوعة المسرح العالمي المعاصر) وأعلنت عن مشروعها هذا في احتفالات يوم المسرح العالمي في عام 1987، ووجهت خطابات رسمية الى المراكز الوطنية للمسرح والى الجهات المعنية بشؤون المسرح في الدول كافة ودعتها الى كتابة تاريخ موجز للمسرح في كل دولة، على أمل أن تُجمع في هذه الموسوعة.

وفي العراق أخذ المركز العراقي للمسرح على عاتقه هذه المهمة، وشكَّل لجنة بهذا الشأن سميت (اللجنة الوطنية العراقية لموسوعة المسرح العالمي المعاصر) وعُقد اجتماعها الأول في الخامس من أيار 1987، وبحضور كل من: الفنان يوسف العاني والدكتور عبد الاله كمال الدين وأحمد فياض المفرجي وعلي مزاحم عباس وياسين النصير، وفي الاجتماع أنتُخب يوسف العاني رئيسًا للجنة، ووضع خارطة طريق للمفردات المنهجية الخاصة بالصفحات المكرسة للمسرح العراقي، وتوزيع المهام على السادة المكتتبين الذين سيسهمون بكتابة الموسوعة، على أمل أن ينتهي عملهم في مدة أقصاها لا تتجاوز الخامس والعشرين من أيار 1987، ومن ثم تدفع الموسوعة المُنجزة الى الاستاذ جبرا ابراهيم جبرا لترجمتها الى اللغة الانكليزية. وعُمّمَ محضر الاجتماع مع خارطة الطريق على السادة المكتتبين بموجب كتاب موقَّع من قبل رئيس اللجنة الفنان يوسف العاني في العاشر من أيار 1987.

قسَّمت اللجنة عمل الموسوعة على ستة أبواب رئيسة، وكل باب كُسِّرت على عدَّة محاور من شأنها أن تُسهّل عمل المكتتبين، وتضمن غزارة المعلومات وكثافتها في كل محور، وجاء توصيف الأبواب على النحو الآتي:

أولًا – الباب الأول: نشوء وتطور المسرح العراقي:

ويتابع فيه المكتتبون نشوء وتطور المسرح العراقي من عام 1880 الى تاريخ الكتابة. ويأخذون بنظر الاعتبار المظاهر ما قبل المسرحية في العهد العثماني، والنشاطات المسرحية المقامة في الكنائس والجمعيات والنوادي فضلًا عن المسرح في المدارس. وكُلف بكتابة هذا الباب الدكتور جميل نصيف التكريتي وأحمد فياض المفرجي.

ثانيًا – الباب الثاني: الفرق المسرحية والحركات الجديدة:

وضمَّ هذا الباب ثلاثة محاور، وهي:

1-الفرق المسرحية: الفرقة الشعبية، فرقة المسرح الحديث، فرقة 14 تموز، الفرقة القومية للتمثيل، فرقة مسرح اليوم، فرقة اتحاد الفنانين، فرقة المسرح الكردي وفرق مسرحية أُخر، ويُكلف بكتابته الدكتور عبد الاله كمال الدين وأحمد فياض المفرجي.

2- الحركات المسرحية الجديدة ويكلف بكتابته الاستاذ سامي عبد الحميد.

3- المهرجانات المسرحية ويكلف بكتابته علي مزاحم عباس.

ثالثًا- الباب الثالث : الشخصيات المسرحية:

وضمَّ هذا الباب تسعة محاور، وكل محور يعرِّف بأعلام مسرحيين يشتغلون في فضاءات المسرح على صعيد التأليف والإخراج والتمثيل والتقانة المسرحية والنقد وكتابة الأبحاث، وكُلف بكاتبة الباب كله السادة: أحمد فياض المفرجي وعلي مزاحم عباس وياسين النصير، وجاءت المحاور على الوجه الآتي:

1-الكتاب المسرحيون: نعوم فتح الله سحار ويحيى قاف العبد الواحد وموسى الشابندر وصفاء مصطفى ويوسف العاني وخالد الشواف وطه سالم ونور الدين فارس وعادل كاظم وجليل القيسي ومحي الدين زنكنه وسعدون العبيدي.

2- المخرجون المسرحيون: حقي الشبلي وابراهيم جلال وجعفر السعدي وجاسم العبودي وسامي عبد الحميد وبدري حسون فريد وقاسم محمد ومحسن العزاوي وصلاح القصب وعوني كرومي وأحمد سالار. 

3- الممثلون المسرحيون: عبد الله العزاوي ويحيى فائق ومديحة سعيد وخليل شوقي وناهدة الرماح وأزادوهي صاموئيل وزينب (فخرية عبد الكريم) وسليمة خضير وفاطمة الربيعي وفوزية عارف وهناء عبد القادر وكامل القيسي ووجيه عبد الغني وتوفيق البصري وفاروق فياض وطعمة التميمي.

4- فنانو الماكياج: ناجي الراوي ويوسف سلمان وفوزي الجنابي.

5- فنانو الديكور: كاظم حيدر وفاضل القزاز وسعدي السماك.

6- فنانو الأزياء: امتثال الطائي.

7- فنانو الموسيقى: طارق حسون فريد

8- فنانو الانارة: عبد الواحد طه وعبد الله حسن.

9- النقاد والباحثون في المسرح: الدكتور صلاح خالص والدكتور علي الزبيدي والدكتور عمر الطالب والدكتور علي جواد الطاهر والدكتور عبد الاله كمال الدين والدكتور جميل نصيف التكريتي وأحمد فياض المفرجي وياسين النصير وعلي مزاحم عباس ويوسف عبد المسيح ثروة.

رابعًا– الباب الرابع: التدريب المسرحي:

وهذا الباب خُصص للحديث عن المعاهد الفنية والأكاديمية والمؤسسات والدورات والورش المسرحية التي تقام لإعداد العاملين في النشاط المسرحي على الصُعد كافة، وكُلف بكتابة هذا الباب الدكتور عبد الاله كمال الدين وعلي مزاحم عباس.

خامسًا– الباب الخامس: منظمات دولية:

وهذا الباب يشتمل على تعريف شامل بالمركز العراقي للمسرح من حيث تأسيسه وأهدافه ومهامه وما قدمه من نشاطات طوال مدة عمله، وكُلف الفنان يوسف العاني بكتابته.

سادسًا- الباب السادس: النقد والدراسات والنشر:

كُسِّر هذا الباب على ستة محاور، وخُصص للدراسات النظرية والبحثية المصاحبة للنشاط المسرحي العراقي، وكُلف بكتابته الدكتور جميل نصيف التكريتي والاستاذ سامي عبد الحميد وياسين النصير، والمحاور هي:

1-البعثات.

2- وضع النقد

3- مراكز البحوث.

4- المؤسسات التي تعنى بالمسرح.

5- المجلات.

6- قائمة بالمصادر والمراجع في المسرح العراقي.

وباشر المكتتبون عملهم بجد وكفاءة عالية برغم ما كان يعتري مسيرتهم من صعاب وكوابح، إلا أن حبَّ الكاتبين لعملهم في هذا المسعى، وأمنيتهم في ادخال أسم العراق في الموسوعة العالمية، ذلَّل الصعاب كافة، وأثمر عملهم عن خروج الموسوعة الى النور في المدة المحددة لها.

جاءت الموسوعة بمائة وأربع صفحات من الحجم الورقي الكبير، وطبعت على الآلة الطابعة في مطبعة سمير ببغداد، وبنسخ محدودة جدًا، وكُتب على واجهتها الأمامية (المسرح في العراق)، وثبِّت في صفحتها الأولى أسماء الكاتبين فيها والذين تمَّ الاشارة إليهم فيما تقدم من القول عند التعريف بأبواب الموسوعة، وخلت القائمة من أسم الدكتور جميل نصيف التكريتي الذي كان قد أسند اليه مهام الاشتراك في كتابة البابين الأول والسادس، ويبدو أنه اعتذر عن المساهمة في الكتابة.

ومن خلال اطلاعنا على الموسوعة نسجل اعجابنا الكبير بالجهد الاستثنائي الذي بذله الكاتبون فيها، وخصوصًا أن المدة التي منحت لهم لم تتعدى الخمسة عشر يومًا، إلا أنهم انجزوا المهمة الوطنية الكبيرة على أحسن حال، وقاموا بتثبيت خطوط عامة مهمة عن المسرح العراقي يمكن أن تحقق نقاط انطلاق حقيقية للباحثين الآخرين اذا ما أرادوا أن يوسعوها مستقبلًا. ومما يؤسف له أن الموسوعة لم تصدر بكافتها، وبقي المحور العراقي مشروعًا مكتملًا لم ير النور.

ويمكن أن نثبِّت الملاحيظ الآتية على عمل المكتتبين في الموسوعة:

1-إن المكتتبين الذي أسهموا في كتابة الموسوعة ركنوا الى أعلام مسرحيين متواجدين في فضاء مسارح العاصمة بغداد. فجلُّ الأعلام الذين وردت أسماؤهم في الموسوعة كانوا متواجدين في فرق ومؤسسات العاصمة، وخلت الموسوعة من أعلام مسرحيين مهمين كان لهم الحضور البارز في المسرح في المحافظات وخصوصًا في البصرة والموصل وذي قار وبابل والمثنى.

2- إن بعض الأسماء التي ثبتتها اللجنة في محضرها (خارطة الطريق) والذي تم عرضه فيما تقدم من القول سقطت من الموسوعة ولم تأخذ طريقها الى متنها، ولعل مرجع ذلك الى عدم الحصول على تعريفات بها. كما أن بعض الأعلام والمسميات أخذت طريقها الى الموسوعة من دون أن يكون لها حضور في الجدولة الأولى.

3- في بعض مواطن الموسوعة – وخصوصًا التاريخية – كان المكتتبون يميلون الى الوصف العام دون الخوض في التفاصيل وذلك لقلة المعلومات عن الموضوعات التي يكتبون فيها.

4- نسجل تحفظنا على بعض ما ورد في الباب الأول المخصص للسرد التاريخي في أنه كان يجانب الواقع، وإن ما ورد فيه يعد مغالطات في ضوء الحقائق التي بسطناها للقراء في الكتب التي أنجزناها في هذا المنحى.

5- اعتماد المكتتبين في العديد من مواطن الموسوعة على ما كتبوه سابقًا من كتب ومقالات في هذا الحيز، من دون أن يجهدوا أنفسهم بالرجوع الى الصحف والمجلات التي لابست الموضوعات في حينها – وخصوصًا في الموضوعات التاريخية – والتي تعد وثائق أصيلة في تدوين وقائع المسرح وحيثياته. ولذلك جاءت المعلومات مكررة ومنسوخة عن كتاباتهم السابقة ولا تحفل بالجديد بالنسبة للقارئ العراقي على أقل تقدير.    

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة