قرر جامعا الأعمال الفنية الفرنسيان كلود وفرانس ليمان، اللذان ساهما في تقديم العديد من أعمال فناني الشرق الأوسط للجمهور الباريسي منذ العام 1988، التبرع بـ 44 عملاً فنياً من مجموعتهما الشخصية من الأعمال الفنية الإبداعية المعاصرة لفنانين من الشرق الأوسط واليابان وفرنسا. وعهِد هذان الزوجان إلى دار كريستيز للمزادات في باريس ببيع هذه الأعمال الفنية، حيث سيتم توظيف ريع هذا المزاد الخيري لمساندة الفنانين الشباب ممن تأثروا بجائحة كورونا الحالية، ولدعم صندوق كلود وفرانس ليمان التابع لمعهد العالم العربي في باريس والذي يهدف لتمويل عمليات الاستحواذ المستقبلية، وتنظيم المعارض، وإجراء الأبحاث، ونشر كتالوجات المعارض.
وستعرض الأعمال الفنية في مزاد عبر الإنترنت بدءاً من 24 يونيو ولغاية 16 يوليو، حيث يتراوح السعر التقديري للعمل بين 1،000 يورو وحتى 40،000 يورو.
وقدم الزوجان كلود وفرانس ليمان في أكتوبر 2018 هبة ثمينة قوامها 1300 قطعة فنية لفنانين من الشرق الأوسط إلى المتحف التابع لمعهد العالم العربي في باريس، وكانت هذه أكبر مجموعة مقتنيات يتم التبرع بها إلى المعهد منذ تأسيسه في العام 1980 من قبل 18 دولة عربية. وبعد عام واحد فقط زاد عدد الأعمال الفنية الممنوحة إلى 1،500 عمل.
وتعكس الأعمال الـ 44 ستين عاماً من التطور الفني في جميع أنحاء الشرق الأوسط، بدءًا من العمل الأبرز للفنان شفيق عبود تحت عنوان “موسم” لعام 1959 والذي تبلغ قيمته التقديرية بـين 40،000-60،000 يورو وانتهاءً بمجموعة من تسع أعمال فنية تم إنتاجها في عامي 2019-2020 حول حريق كاتدرائية نوتردام الذي شب في أبريل 2019. وأطلق كلود ليمان ـفكرة المشروع حين كان شاهداً على دمار هذا الصرح التاريخي من داخل معهد العالم العربي المطل مباشرة على كاتدرائية نوتردام.
وبهذه المناسبة، قال جاك لانغ، وزير الثقافة الفرنسي الأسبق ورئيس معهد العالم العربي: “إن كلود وفرانس ليمان، اللذين اشتهرا بسخائهما، كانا من أوائل من آمن بإبداع الفنانين المعاصرين في العالم العربي. إن الأعمال الخيرية تشكل مغامرة إنسانية نبيلة، تنمو وتزدهر باستمرار، وعلى هذا الأساس أصبح الزوجان الداعمان لمتحف معهد العالم العربي داعمين أيضًا للفنانين العرب، وإنه لمن دواعي فخري أن أساهم بدوري في رعاية هذا المزاد الخيري المهم.”
من جهتها، قالت فاليري ديدييه، خبيرة الفن المعاصر والانطباعي لدى دار كريستيز: “إنه من دواعي سروري تنظيم هذا المزاد الخيري في باريس لصالح صندوق كلود وفرانس ليمان التابع لمعهد العالم العربي. أشعر شخصياً بإعجاب كبير تجاه كلود وفرانس، وبالأخص كرمهما اللامحدود، فهما كرسا حياتهما بالكامل لدعم هؤلاء الفنانين ونحن على ثقة بأن جامعي الأعمال الفنية سيدعمون مبادرتهم السخية لإحياء نشاط معهد العالم العربي في باريس.”
يعد شفيق عبود (1926-2004) أحد أهم رواد الفن العربي في القرن العشرين. تمزج لوحاته معاني الحرية واللون والأضواء والفرح، فضلاً عن كونها جسراً ممتداً بين المشهد الفني الفرنسي واللبناني والمشهد الأوروبي والشرق أوسطي. فهو فنان لبناني وباريسي في آن معاً، وتجسد أعماله الفنية ذكريات الطفولة التي تربطه بلبنان والمناظر الطبيعية لهذا البلد العربي، حيث أثرت به جدته التي كانت تروي له قصصاً من ذكريات الماضي قبل وصول العائلة إلى باريس في العام 1947. سيعرض في المزاد عملان لعبود هما لوحة “موسم 1959” التي يبلغ سعرها التقديري بين 40،000-60،000 يورو (موضحة أعلاه) وعمل بعنوان “تكوين” يقدر سعره بـ 5،000-7،000 يورو.
*******
أما ضياء العزاوي (مواليد بغداد عام 1939) فقد بدأ حياته الإبداعية عام 1964، بعد تخرجه من معهد الفنون الجميلة والآثار في بغداد، حيث أثرت دراسته حول الحضارات القديمة والتراث العراقي بشكل عميق على أسلوبه الفني، وسعى في أعماله الأولى للربط بين عناصر الثقافة المرئية في الماضي والحاضر. ويعتبر العزاوي واحداً من رواد الفن الحديث في العالم العربي، وتتنوع أعماله بين الرسم والنحت والمطبوعات والكتب الفنية. يعيش ويعمل العزاوي في لندن منذ عام 1976، لكنه لا يزال يستمد الإلهام من وطنه الأم العراق.
تتمثل أعمال الفنان ضياء العزاوي في هذا المزاد بثلاثة قطع فنية منها لوحة “البحث عن رمز”، 2006 بقيمة تقديرية تتراوح بين 20،000 – 30،000 يورو (موضحة أعلاه)، ومنحوتة “الحرف العربي” 1984-2005 بقيمة تقديرية تتراوح بين 15،000-20،000 يورو (موضحة على اليسار)، كما ساهم بأحد الأعمال حول حريق كاتدرائية نوتردام بعنوان “تحيتي إلى نوتردام”، 2019 وتقدر قيمته بين 20،000 – 30،000 يورو.
أما الفنانة المغربية الفرنسية ناجية ميحادجي (مواليد 1950) قدمت رؤيتها الفريدة حول حريق كاتدرائية نوتردام، فلوحتها بعنوان” العذراء مع الطفل” مرسومة بنفس قياس التمثال الموجود في الكاتدرائية بالعنوان ذاته، كما استلهمت من الألوان الزرقاء لمعطف العذراء التي تميزت بها لوحات بيليني وفرا أنجيليكو. وترمز ألوان الخلفية الحمراء للوحة إلى الحريق وإلى الزجاج المعشَّق لنوافذ الكاتدرائية، ويقدر سعر اللوحة بين 15،000-20،000 يورو.