هل الفن سلعة كاسدة ؟

خضير الزيدي

ما الذي يميز الفن ليكون أكثر رواجا ؟ ومنذ متى أصبح الفن من السلع المميزة اقتصاديا بعد أن كان مكونا جماليا يلاحق إحساس المرء وذاكرته وخياله؟ لقد انجذب إليه الإنسان وعده محركا من تشكيلات الوعي الجمالي وميّزهُ بصريا على نحو تمثّل في صورة لها تاريخ من المعتقدات الدينية والشعبية والأسطورية وخير دليل في ذلك منحوتات الفن العراقي القديم والفن المصري والإفريقي، يوم كان الإنسان البدائي ميالا لإنتاج فن يحاكي البساطة ويبعث برسالة الحياة في تشكيلات متنوعة من الزخارف والأواني والمنحوتات ويثري فيها طاقة تعبيرية تمكّن المتلقي من التوافق بين الواقعي والغرائبي .لا أتصور أن الفن القديم بكل معتقداته التعبيرية التي ترافق تلك الأشكال يخلو من تركيز في بلاغة الصورة وتعبيريتها ولا أتصور انه فن يخلو من غاية جمالية ووجود فائدة روحية ومعنوية في ذات الوقت .. ولكن ماذا عن فن اليوم.؟ ماذا عن سلعته الكاسدة وطريقة الرسم الغريبة وتزاوج فنون متنوعة في شكل معين لماذا انقلب الرسام إلى منظر وتاجر لفن ، يستوعب غطاء الترويج التجاري بأفكار مشوشة. لنتساءل هنا من منا استوعب الحداثة وفهم دروسها البليغة لنتخلى عنها منقلبين إلى ما يسمى فن ما بعد الحداثة ولماذا يرفع الفنان من سعر لوحته بينما يعيش حالة يرثى لها من التركات الاقتصادية اليومية ؟ هل ثمة تناقض في ذلك.؟ نعم ثمة الكثير من الغرابة أيضا انه سوء التخطيط وعدم القناعة بان الفن ما عاد قيمة جمالية على قدر كبير من التصريح بواقعنا والسبب طغيان الصور المستهلكة جراء مواقع التواصل الاجتماعي والانترنيت والتلفاز وانقلاب الفعل السياسي ، علينا الاعتراف بان الفن يعيش واقعا تجاريا وهذا ما يسعى إليه الغالب من الفنانين لكن هذا المسعى بات على حساب جودة العمل وتردي التصور الفني والذهني لمعالم الرسم وشهدنا عشرات الأعمال مسروقة ومنتحلة ومتأثرة بأسماء أخرى مما شجع على وجود لوحات معلقة وقابعة في مشغل الفنانين بالإضافة إلى أن الترويج لأسماء فنية محددة جعل من رصيد لوحاتهم غير قابلة للانخفاض بعد أن سوقت واستخدمت ضمن مجال التهريب وغسيل الأموال . لهذا لا توجد قوانين تحد من سوق الفن ولا نوايا صادقة لوضع معايير على سعر اللوحة واسم الفنان وأيضا ما عادت للفن أهمية طاغية في حياتنا لان الغالب من تلك الأعمال تفتقر للعاطفة والجمال معا ولان ثقافة المرء انسحبت نحو التعامل مع وسائل الاتصالات بصورة مهولة كل ذلك عوامل تدفع بالفن للاندثار حتى مع وجود مؤسسات دولة وقاعات عرض وجامعات ومعاهد وفعاليات فنية أصبح الفن مهددا لان لوحة فنان سارق تم تسعيرها بعشرين ألف دولار وهو لا يحسن الإجابة عن سؤال صحفي يتحف القارئ بمعلومات عن منهجية رسم لوحته وطريقة تفكيره بإحياء فن يحقق لنا روابط وثيقة مع اليومي، التفكير المتواصل بعامل الاقتصاد جراء ممارسة حرفة الرسم شوش على الفنانين كيفية إثراء لوحاتهم بطاقة جمالية تعيد للفن دوره المثير علينا الاعتراف إننا عاجزون عن قطف ثمار الفن فلا توجد جهود مبذولة نوفق فيها من اجل ذلك والسبب الرئيس يقع على الفنان وسلعته الكاسدة.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة