علي محمد أبو التمن
مهندس استشاري وكاتب عراقي
من خلال الممارسة العملية والوظيفية والسعي الحثيث لتطوير النشاطات التنموية ضمن نطاق عملنا الوظيفي واجهتنا مشكلات مهمة تتعلق بمعوقات الإدارة التنموية وأهداف التنمية الملزمين بالإيفاء بها.
ولأهمية هذا الموضوع ولشموله جميع القطاعات والأنشطة الاقتصادية وليس على مستوى دائرة او وزارة معينة فحسب وجدنا من المناسب التقدم بدراسة مركزة تتعلق بمعوقات إدارة التنمية لعلنا نكون قد اسدينا نفعا لزملاء العمل والمساهمين في نشاطات الإدارة التنموية ولاسيما ان العراق يمر بمرحلة انتقالية تبدو ملامحها بالرغبة في تحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية.
وتشمل هذه الدراسة المعوقات الاجتماعية والإدارة السياسية وإدارة التنمية كذلك المعوقات الاقتصادية ذات علاقة بالسلوك والنزاهة ومعوقات إدارية ومعوقات بشرية، سنتطرق اليها على النحو التالي:-
أولا- المعوقات الاجتماعية:
إذا كانت إدارة التنمية بحسب مفهومنا هي دراسة لوظيفة الإدارة في المحيط الاجتماعي للدول النامية، فانه من الضروري التعرف على طبيعة البيئة الاجتماعية لإدارة التنمية وهذه تظهر في الثقافة العامة وفي التكوين البشري للمجتمع.
يمكن دراسة ذلك الجانب من زوايا ديموغرافية وسيكولوجيا ومهنية وفي مجال دراسة التأثيرات الاجتماعية على تكوين الشخصية بمعنى ان التأثيرات الاجتماعية حتمية وتحكمية، الا ان تلك التأثيرات غير جامدة بل تخضع للتغيير والتطور نتيجة للتغير والتطور الاجتماعي. ومن ثم يصبح من الممكن تطوير بل إعادة تشكيل مكونات الثقافة العامة لصالح إدارة التنمية وان هذا التغيير يصبح ضروريا وحيويا اذا اردنا لإدارة التنمية ان تنجح في تحقيق أهدافها.
بمعنى اننا عندما نعالج احدى الظواهر الاجتماعية كجزء من نظام اعلى فأن هذا يستلزم دراسة تأثيرها وتأثرها في داخل ذلك النظام الأعلى. فالثقافة إذا كانت تؤثر على الشخصية الاجتماعية فهي تتأثر بها، ويمكن القول ان الثقافة العامة والظروف الحضارية للدول النامية تمثل في الغالب عقبات يجب تذليلها امام إدارة التنمية على أساس ان التقدم يعكس مفاهيم ثقافية وحضارية مختلفة.
نلاحظ ان قدرات التطور الثقافي ليست متكافئة مع التغيرات الأخرى في البيئة الاجتماعية، بمعنى ان التغيير في النظم الاقتصادية او السياسية او القانونية يمكن ان تتحقق بسرعة أكبر من سرعة التغير المفروض في الثقافة العامة بل ان هذا هو جوهر المشكلة الاجتماعية في إدارة التنمية أي ان التخلف الثقافي يعني ان العناصر الثقافية المادية تتغير تغيرا أسرع من العناصر الثقافية غير المادية والمعوقات الاجتماعية لإدارة التنمية لاتحل الا بتطوير الثقافة والمعتقدات والتحكم فيها، ونلاحظ ان هناك علاقة طردية بين الثقافة العامة والمعتقدات الاجتماعية.
هناك نوعان من الضبط الاجتماعي والتحكم فيه وهما:
الضبط الاجتماعي الرسمي:
النوع التقليدي له هو القانون وكيفية تنفيذه، فاذا قام القانون بحماية بعض المعتقدات الخاصة فان ذلك يمثل السيطرة الرسمية، اذ يلعب القانون دورا حاسما في تقوية بعض العادات او في اختفاء غيرها وقد يكون القانون أداة فعالة في خلق المعتقدات الاجتماعية الإيجابية اللازمة لانجاح إدارة التنمية.
الضبط الاجتماعي غير الرسمي:
وهو السيطرة الأخلاقية أي مجرد استنكار الناس في مجتمع ما، عرفيا واتفاقا ضمنيا على استبعاد أشياء وترحيبهم بأشياء، وهذه السيطرة لها تأثير بعيد المدى في التنمية وهي اقوى في المجتمع المتخلف عنها في المجتمع المتقدم.
فالعرف الأخلاقي له سيطرة اقوى في الريف عنه في المدن بصفة عامة، اما في المجتمع المتقدم فالنظرة تختلف اذا يعد القانون وحده هو الذي ينظم الاخلاق وما عدا ذلك يترك التقدير الشخصي للفرد وهكذا نجد ان تغيير العادات السلبية اصعب في البلاد المتخلفة عما هو في البلاد المتقدمة.
وسوف نتطرق الى بقية المعوقات في مقال مقبل بأذنه تعالى.
المعوقات التي تواجه إدارة التنمية
التعليقات مغلقة