منظمة الصحة العالمية العنف ضد النساء والفتيات انتهاك خطير لحقوق الانسان

متابعة الصباح الجديد :
يشكّل العنف ضد النساء والفتيات انتهاكًا خطيرًا لحقوق الإنسان. تُقدّر منظمة الصحة العالمية أن %37 من النساء اللائي كان لهن شريك في أي وقت في الماضي في منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط قد تعرّضن للعنف الجسدي و/ أو الجنسي من الشريك في مرحلةٍ ما من حياتهن.
تسود أشكال أخرى من العنف في المنطقة، بما في ذلك جرائم القتل المتعلقة ب»الشرف» والزواج المبكر والقسري والمؤقت، والتحرش الجنسي في الأماكن العامة؛ والممارسات الضارة مثل تشويه الأعضاء التناسلية للإناث.
يتراوح تأثير العنف على النساء والفتيات من عدة عواقب جسدية وجنسية وعقلية مباشِرة إلى آثار على المدى الطويل، بما في ذلك الموت.
يؤثر العنف سلبًا على رفاه المرأة بشكل عام، ويحول دون مشاركة النساء بشكلٍّ كامل في المجتمع. ولا تقتصر العواقب السلبية للعنف على النساء فحسب، بل تتعداهن إلى عائلاتهن ومجتمعهن والدولة ككل.
ويتسبب العنف في تكاليف باهظة، من الرعاية الصحية والنفقات القانونية الزائدة إلى الخسائر في الإنتاجية، مما يؤثر على الميزانيات الوطنية والتنمية بشكلٍ عام. على سبيل المثال، في المغرب، تشير التقديرات إلى أن عنف الشريك يكلف النظام القضائي 6.7 مليون دولار أميريكي سنويًا. وفي مصر، قُدّرت تكلفة العنف الذي تعاني منه النساء وأسرهن بما لا يقل عن 208 ملايين دولار أمريكي في عام 2015 وقد تصل إلى 780 مليون دولار أميريكي.
يتشكل حدوث العنف في المنطقة من خلال التمييز ضد المرأة واستمرار المواقف التي تُبقي القوالب النمطية السلبية بين الجنسين. ففي المغرب على سبيل المثال، يعتقد %60 من الرجال أنه يجب على الزوجات تحمل العنف للحفاظ على بقاء الأسرة، ويرتفع الرقم إلى %90 في مصر دراسة(IMAGES 2017 ). وفيما يتعلق بفلسطين، ما تزال نسبة الرجال الذين وافقوا على هذا الرأي عالية حيث بلغت %63، بينما انخفضت النسبة كثيرًا في لبنان لتصل إلى %26- وهي نسبة ما يزال من الصعب التغاضي عنها.
غالبًا لا تتناول التشريعات جميع أشكال العنف ضد المرأة بصورة شاملة، وكثيرًا ما تكون آليات إنفاذ القانون غير كافية.
كما يضيف الافتقار إلى الخدمات الأساسية المُنسّقة ومتعددة القطاعات للاستجابة بفعالية للناجيات من العنف إلى حجم المشكلة في المنطقة. ويزداد الوضع تفاقمًا بسبب الصراعات التي تُعرّض آلاف النساء والفتيات في المنطقة للاستغلال الجنسي والاتجار والزواج القسري بالأطفال.

الحلول
يشمل الإطار القانوني الدولي للقضاء على العنف ضد المرأةاتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو)، و إعلان الأمم المتحدة لعام 1993 بشأن القضاء على العنف ضد المرأة. وبرغم أن بلدان المنطقة كلها تقريبًا أطرافٌ في اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو)، فقد أبدت كلٌ منها تحفظات عامة أو محددة على الاتفاقية بأكملها أو على مواد مُعيّنة بها، مما يؤثر على التنفيذ الفعال للاتفاقية في تلك البلدان.
كما أن البروتوكول الاختياري لاتفاقية سيداو، والذي يحدد الوسائل الإضافية لإيصال الشكاوى إلى هيئة الخبراء الدولية المُكلّفة باستعراض تنفيذ البلدان للاتفاقية، لم تصدّق عليه سوى ثلاثة من بلدان المنطقة فقط هي: المغرب وتونس وليبيا.
مسترشدًا بالأطُر الدولية ذات الصلة، يعمل المكتب الإقليمي لهيئة الأمم المتحدة للمرأة في الدول العربية مع شركائه للتصدي للعنف ضد المرأة وفقاً للأولويات الثلاث التالية:
المعايير:
يدعو المكتب الإقليمي لهيئة الأمم المتحدة للمرأة في الدول العربية إلى اعتماد أطر تشريعية وسياسية شاملة للتصدي للعنف ضد النساء والفتيات. وينبغي أن يتضمّن النهج التشريعي الشامل تجريم جميع أشكال العنف ضد النساء والفتيات، ومقاضاة الجناة ومعاقبتهم على نحو فعال، وحماية الناجيات ودعمهن وتمكينهن.

التنسيق:
يتبنى المكتب الإقليمي لهيئة الأمم المتحدة للمرأة في الدول العربية نهجاً شاملًا يضم أصحاب المصلحة المتعددين؛ ويعتمد على الخبرة التكاملية لوكالات الأمم المتحدة، والحكومات، والمجموعات النسائية والمجموعات المجتمعية الأخرى في تقديم المشورة في مجال السياسات؛ وتعزيز قدرات أصحاب المصلحة الرئيسين على تطوير تدخلات تتماشى مع المعايير الدولية؛ وتطوير الإرشادات ونشر ها، وأدوات التنفيذ، والموارد.

التنفيذ:
يعمل المكتب الإقليمي لهيئة الأمم المتحدة للمرأة في الدول العربية على تغيير الأعراف الاجتماعية والقوالب النمطية للنوع الاجتماعي ودعم تقديم الخدمات للناجيات من العنف. يرتكز العنف على القبول الاجتماعي المستمر للتمييز ضد المرأة بين الذكور والإناث في المنطقة. تعمل هيئة الأمم المتحدة للمرأة مع منظمات المجتمع المدني والإعلام والزعماء الدينيين والجهات الفاعلة الرئيسة لتغيير المواقف من العنف ضد المرأة.
علاوةً على ذلك، يُمثل توفير الخدمات جزءًا حاسمًا في حل لغز الوقاية من العنف ضد النساء والفتيات والاستجابة له. في المنطقة، ما تزال هناك فجوة بين الاتفاقيات والالتزامات المُتّخذة على المستوى التدخلي لتقديم خدمات بشأن العنف ضد المرأة من جهة والتنفيذ على المستوى القُطري من جهة أخرى. من خلال برنامج « مجموعة الخدمات الأساسية للنساء والفتيات المتعرّضات للعنف» تعمل هيئة الأمم المتحدة للمرأة مع وكالات الأمم المتحدة الأخرى على معالجة العنف ضد النساء والفتيات في الدول العربية.

مجالات العمل والبرامج
البرنامج الرئيس الإقليمي: العمل المشترك من أجل القضاء على العنف ضد النساء والفتيات في منطقة الدول العربية
طورت هيئة الأمم المتحدة للمرأة، بالاشتراك مع صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، ومكتب الأمم المتحدة المعنيّ بالمخدرات والجريمة، ومنظمة الصحة العالمية، برنامجًا إقليميًا رائدًا للتصدي للعنف ضد النساء والفتيات في الدول العربية لسد الفجوة القائمة بين البحوث والتوصيات المتعلقة بالسياسات، وتوفير التوجيه المطلوب لتكييف المعايير الدولية عند تقديم الخدمات إلى المنطقة، وتعزيز التفاهم والتعاون بين الوكالات في مجالات مثل الوقاية. يهدف البرنامج إلى الحد من التمييز متعدد الجوانب، ومن العنف ضد النساء والفتيات في ستة بلدان، ويرتكز على الأطر المعيارية لاتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو)، والمؤتمر الدولي للسكان والتنمية، والميثاق العربي لحقوق الإنسان، وخطة التنمية المستدامة لعام 2030والأهداف السبعة عشر للتنمية المستدامة. كما سيدعِّم البرنامج القواعد والمواقف الاجتماعية المواتية لتعزيز المساواة بين الجنسين. حاليًا، تدعم حكومة اليابان تنفيذ السنة الأولى من البرنامج (من نيسان/أبريل 2018 إلى آذار/مارس 2019).

برنامج مجموعة الخدمات الأساسية للنساء والفتيات المتعرّضات للعنف
في عام 2015، وفي إطار برنامج عالمي مشترك، أطلقت هيئة الأمم المتحدة للمرأة، بالاشتراك مع صندوق الأمم المتحدة للسكان، ومنظمة الصحة العالمية، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، ومكتب الأمم المتحدة المعنيّ بالمخدرات والجريمة مجموعة من المعايير العالمية والخدمات الأساسية للنساء والفتيات المتعرّضات للعنف، بهدف توفير وصولٍ أكبر إلى مجموعة مُنسّقة من الخدمات الأساسية عالية الجودة ومتعددة القطاعات لجميع النساء والفتيات اللائي تعرّضن للعنف القائم على النوع الاجتماعي. في منطقة الدول العربية، حُددتا تونس ومصر على أنهما بلدان أنموذجيان لطرح مجموعة الخدمات الأساسية. في إطار شراكة إقليمية مُعزّزة مشتركة بين الوكالات أُطلقت في نهاية عام 2016، دعمت كلٌ من هيئة الأمم المتحدة للمرأة وصندوق الأمم المتحدة للسكان إطلاق الحزمة الأساسية في المنطقة في عام 2017.

مبادرة دراسة العدل والمرأة
لتسهيل البرمجة الفعّالة القائمة على الأدلة بشأن العنف ضد النساء والفتيات والتي تركز على سيادة القانون والوصول إلى العدالة، أُجريت دراسة شاملة حول القوانين والسياسات والممارسات المتعلقة بالعنف ضد النساء والفتيات في 20 دولة في منطقة الدول العربية.
سيوفر التقرير الذي أسفرت عنه الدراسة تحليلًا متعمقًا لنقاط القوة والضعف في الحماية الدستورية، وقوانين العقوبات، وقوانين مكافحة الاتجار، وقوانين الأسرة/ الأحوال الشخصية، والسياسات والممارسات، وما إلى ذلك، فيما يتعلق بالعنف ضد النساء والفتيات في كل بلد.
صَدَّقَ برنامج الأمم المتحدة الإنمائي وهيئة الأمم المتحدة للمرأة ومكتب الأمم المتحدة الإقليمي للسكان في الدول العربية معًا على الدراسات الوطنية، وأجروا مشاورات مع أصحاب المصلحة الوطنيين لتحديد الأولويات الوطنية للإصلاح. قادت هيئة الأمم المتحدة للمرأة عملية المصادقة والمشاورة الوطنية في فلسطين والمغرب والعراق والكويت.

تقدير تكلفة العنف ضد المرأة في المنطقة العربية
يقوم المكتب الإقليمي للمرأة في الدول العربية بالاشتراك مع مركز المرأة التابع للجنة الأمم المتحدة لغرب آسيا (الإسكوا) بتنفيذ مشروع إقليمي على مرحلتين حول تقدير تكلفة العنف ضد المرأة في المنطقة العربية. استلزمت المرحلة الأولى من المشروع نشر تقريرين. يستند التقرير الأول وعنوانه «وضع المرأة العربية في المنطقة العربية: العنف ضد المرأة: ماذا على المحك؟» إلى استعراضٍ للأدبيات العالمية والإقليمية لصياغة إطار مفاهيمي وتحليلي حول العنف ضد المرأة وتطوير فهم للمنهجيات المستعملة لتقدير التكاليف الاقتصادية لعنف الشريك.
يُسلّط التقرير الضوء على آليات الإبلاغ عن العنف ضد النساء والفتيات والقواعد الإدارية للبيانات والمتوفرة على المستوى الوطني؛ ويحلل العلاقة بين عنف الشريك والاقتصاد؛ كما يدرس الآثار الضارة للعنف على الصحة.
يشرح التقرير الثاني «تقدير تكاليف العنف الزواجي في المنطقة العربية: الانموذج التشغيلي» الانموذج الاقتصادي الأساسي والخيارات المتاحة لتقدير تكاليف عنف الشريك في المنطقة، مع الأخذ بعين الاعتبار الفجوات المعرفية وبيئة السياسات والإطار التشريعي في الدول العربية.
في المرحلة الثانية من هذا المشروع المشترك، من المتوقع أن يُجَرَّب الانموذج الاقتصادي في بعض بلدان المنطقة. سيكون الهدف هو تقدير التكلفة السنوية لتقديم الخدمات في قطاعات مختارة مثل الصحة والأمن والخدمات الاجتماعية؛ وتطوير تقديرات كليّة للخسارة في الإنتاجية؛ وتقدير التكلفة السنوية للعنف ضد المرأة على الأسر المعيشية. فلسطين هي أول بلد يدخل ضمن المرحلة التجريبية.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة