البرلمان.. وغياب الرقابة والتشريع

في الوقت الذي تحوم شبهات الفساد حول العديد من الوزراء والوزارات، وفي ظل عدم قدرة الأجهزة الرقابية على مواجهة الملاكات العليا من وزراء ووكلاء وزراء، لازال الدور الرقابي للبرلمان غائبا لحد الآن، فمنذ عقد أول جلسة للمجلس ولليوم، لم نشهد استجوابا واحدا، او كشفا لملف فساد، لم نشهد سوى اسئلة يطرحها نائب هنا وهناك، أغلبها لا تجد جوابا.
ان عدم الرقابة على أعمال الحكومة، سوف يؤدي بالضرورة ان منح الفاسدين جرعات إضافية، وتمكينهم من السعي الى التمدد والتسلق على أكتاف المواطنين ودوائر الدولة، بغية كسب المزيد من أموال الشعب، ذلك ان الرقابة المتمثلة بالاستجواب والتصويت على الاقالة وغيرها من اجراءات المجلس، كلها آليات واجراءات، تشكل رادعا للفاسدين ولو بنسبة معينة. الجانب الآخر من عمل البرلمان وهو تشريع القوانين.. فرغم انتصاف السنة، مازالت الجريدة الرسمية للدولة( الوقائع العراقية) تنتظر القانون رقم 2! ولو ان تشريع قانون الموازنة حتمي، لربما لم نشهد ولادة القانون رقم 1 لليوم..
ان ميزانية المجلس الطائلة، والانفاق المالي الهائل على أمور لا علاقة للمواطن بها، لابد ان يقابلها في الأقل، وجود عمل حقيقي، يتمثل بتوفير الأرضية المناسبة لضمان مصالح المواطنين، اي القوانين التي تخدم المواطن والتي تمس حياته اليومية. ولكن للأسف، مازال البرلمان منشغلا بقضايا ثانوية، ليست بالقدر المهم الذي يستدعي من المجلس ان يترك واجباته الرئيسة كالرقابة والتشريع، من أجلها. تشريع القوانين، يتطلب وجود استقرار داخلي في البرلمان، وهذا الاستقرار يتطلب تشكيل اللجان المختصة والتي تأخذ على عاتقها تهيئة القوانين والمشروعات والمقترحات، وترفعها على الرئاسة لإدراجها على جدول الاعمال، ولكون ان البرلمان لم يحسم قضية اللجان الا قبل أيام، فإن عدم وجود رئاسة لتلك اللجان، قد يعتبره البعض أحد أهم أسباب التلكؤ في تشريع القوانين..
ولكن: هل يتحمل المواطن البسيط مسؤولية عدم الاتفاق على رئاسات اللجان؟ هل تتحملها الحكومة؟ ان وجود العشرات من القوانين المهمة والتي ملأت رفوف البرلمان منها، يتطلب وجود رغبة وإدارة للتصويت عليها وقراءتها مجدداً كون ان عدم اقرارها يترك فراغا تشريعيا كبيرا، وان عدم وجود القانون، يعني ان الفوضى والمزاج السياسي الخاص سيحل محله حتما، فلا بد من وقفة جادة من الكتل التي حصلت على اصوات الناخبين، نتيجة لمناداتها بالاصلاح.. فمن أولى متطلبات الاصلاح هو إعادة الروح الى مجلس النواب من خلال تشريع القوانين والوقوف بوجه السلطة التنفيذية، من خلال ممارسة الدور الرقابي الذي نص عليها الدستور والقوانين.

سلام مكي

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة