حدد القانون، مسؤوليات وواجبات كل مؤسسة حكومية، ومجالس المحافظات، بوصفها السلطة التشريعية للمحافظة غير المنتظمة في اقليم، فإن قانون21 لسنة 2008 وضع لها مجموعة من الاختصاصات التي تمارسها. وقبل ذكر تلك الاختصاصات، علينا ان نسأل: هل ان وظيفة تلك المجالس تمس حياة المواطن، وهل ثمة مردود خدمي وسياسي واقتصادي لها؟ المادة 7 من القانون، ذكرت اختصاصات مجلس المحافظة ومنها: انتخاب رئيس المجلس ونائبه واقالة رئيس المجلس ونائبه وانتخاب المحافظ والمصادقة على ترشيح ثلاثة اشخاص لإشغال المناصب العليا في المحافظة والمصادقة على مشروع الموازنة العامة للمحافظة واستجواب المحافظ او احد نائبيه ورسم السياسة العامة للمحافظة واصدار جريدة تنشر فيها جميع القرارات والأوامر واقرار نظام داخلي للمجلس والمصادقة بالأغلبية على رفض او قبول التبرعات او الهبات التي تحصل عليها المحافظة واختيار شعار المحافظة… هذه أكثر اختصاصات مجلس المحافظة: فهل تستحق ان يصرف لها الأموال الطائلة من رواتب ومخصصات وايفادات، تستقطع من قوت الشعب، في حين ان ثمة قطاعات بأمس الحاجة الى تلك الأموال، خصوصا البنى التحتية وتوفير الخدمات للمواطنين وتوفير الأدوية والرعاية الاجتماعية.. وغيرها الكثير.
هل ان تلك الاختصاصات مهمة بحيث لا يمكن القيام بها الا من قبل مجلس تصرف له ملايين الدولارات لأجل تنظيم عملية انتخابه، ثم تصرف رواتب ضخمة ونثريات وامتيازات لأعضائه، ثم تنتهي مدة تفويضه من قبل الشعب ولا تجرى انتخابات جديدة. وخزينة الدولة ما زالت تتكبد الأموال الطائلة في سبيل مؤسسات لا تقدم اي مقابل للدولة ولا للشعب ووجودها او عدم وجودها لا يعني شيئا. ما يؤسف له ان قانون انتخابات مجالس المحافظات رقم 12 لسنة 2018 منح غطاءً قانونيا لتلك المجالس، عندما نص على بقاء تلك المجالس تمارس أعمالا لحين اجراء انتخابات جديدة، علما ان تحديد موعد الانتخابات الجديدة ترك لمفوضية الانتخابات ومجلس الوزراء، اي بمعنى انه ترك للإرادة السياسية ومدى توفر الشروط التي تضعها الكتل السياسية.
ان الرغبة المتوفرة لدى بعض الكتل السياسية في تجميد تلك المجالس، يجب ان تقترن بتشريع قانون يتم بموجبه تحويل صلاحيات المجالس الى جهة أخرى، وحتى لو لم يتخذ هذا الاجراء، فإن تلك الصلاحيات، ليس بالمهمة وان عدم وجود مجلس للمحافظة لا يترك فراغا اداريا، بل يمكن تكليف جهة اخرى بالصلاحيات المهمة، كالرقابة على الدوائر الحكومية( برغم ان الجهات الرقابية هي التي تتولى هذه المسؤولية بعيدا عن مجلس المحافظة) او اقالة المحافظ او غيرها. كما ان الدستور نص على امكانية تفويض سلطات الحكومة للمحافظات وبالعكس حسب المادة 123 اي بمعنى يمكن ان تمارس الحكومة الاتحادية اختصاصات مجالس المحافظات، ولكن وفق قانون. وبموافقة الطرفين. ونظرا لأن انتهاء عمر تلك المجالس يعني ان وجودها أصبح غير قانوني وان موافقتها على نقل صلاحياتها الى الحكومة أمر غير مطلوب، فإنه بإمكان الحكومة ان تمارس تلك الاختصاصات عبر ممثلين لها في المحافظات، وبالتالي يمكن التخلص من تلك المجالس. اما المادة 44 ثالثا فإنها قد تشكل عقبة امام هذا الاجراء. اذا: ما هو الدور الحقيقي الذي تقوم به مجالس المحافظات؟ قد لا يوجد لها أي دور.
سلام مكي