كشف فهمه الثقيل حين استخف بماكرون
الصباح الجديد ـ متابعة :
كشف الرئيس الأميركي دونالد ترامب امس الأول، عن فهمه الثقيل لما يدور من حوله في العالم، واتباعه سياسة مزاجية وانتقائية بشأن القضايا الكبيرة التي تشغل عقول قادة هذا العالم، ومن بينها التصدي للتغير المناخي الذي بات خطره يتنامى، فبدلا من ان تسترعي انتباهه مظاهرات شبابية حاشدة، جابت مدن عديدة في 123 بلدا حول العالم، احتجاجا على تلكؤ الحكومات في معالجة تغير المناخ، وجه سهامه إلى فرنسا بعد أعمال حرق ونهب استهدفت العديد من المحلات التجارية على الشانزيليزيه، خلال تظاهرات «السترات الصفراء»، موحيا بأن سياستها حيال المناخ مسؤولة عما يحصل، ففي اليوم نفسه الذي انطلقت فيه التظاهرات، سأل ترامب على تويتر «ماذا حقق اتفاق باريس حول المناخ لفرنسا؟» وهو المعروف بموقفه النافي للتغير المناخي رغم إجماع العلماء على ذلك منذ سنوات.
وكتب ترامب مجيبا على سؤاله «بعد 18 أسبوعا من أعمال الشغب التي يقوم بها المحتجون من السترات الصفراء، لا أعتقد أنه حقق أمورا جيدة! في الأثناء ارتقت الولايات المتحدة إلى رأس جميع القوائم حول البيئة».
وهي المرة الثانية التي يستشهد فيها ترامب بالتظاهرات التي بدأت في تشرين الثاني في فرنسا احتجاجا على سياسات الرئيس إيمانويل ماكرون، لدعم آرائه حول المناخ.
وهذا في وقت، جابت مظاهرات طلابية وشبابية، شوارع عدة مدن حول العالم احتجاجا على تلكؤ الحكومات في معالجة تغير المناخ.
وقالت الشابة السويدية غريتا تونبرغ البالغة 16 عاما، والتي تعد من رموز هذه الحركة الاحتجاجية، إن المسيرات الاحتجاجية خرجت في 123 بلدا.
وقد انطلق هذا اليوم الطويل – امس الأول – من العاصمة النيوزيلندية ويلينغتون حيث تجمع مئات التلامذة رافعين شعارات بينها «إما التحرك الآن أو السباحة».
وفي كرايست تشيرش نفذ شباب مسيرة في الإطار عينه في المدينة التي شهدت في وقت سابق امس الاول الجمعة مجزرة دامية استهدفت المصلين في مسجدين وأوقعت ما يقرب من خمسين قتيلا، ما أرغم الشرطة على تطويق وسط المدينة.
وكتبت السويدية غريتا تونبرغ البالغة 16 عاما والتي استحالت رمزا للاحتجاجات الشبابية ضد التقصير الرسمي في أزمة المناخ، في تغريدة عبر «تويتر»، «123 بلدا!».
وجاء في نص الدعوة لهذه التظاهرات عبر فيس بوك «ننفذ إضرابا لنطالب حكوماتنا بالقيام بواجباتها وتقديم أدلة» على الجهود لحصر الاحترار المناخي بدرجتين مئويتين مقارنة مع معدلات ما قبل الثورة الصناعية عملا باتفاق باريس.
وقد كان التلامذة على موعد مع هذه التعبئة في أكثر من ألفي موقع حول العالم وفق موقع الحركة «فرايدايز فور فيوتشر»، فيما تصدرت إيطاليا وفرنسا وألمانيا واجهة المشهد.
وفي سيدني وبانكوك وهونغ كونغ، شارك آلاف الشباب في تظاهرات بيئية، فيما بلغ عدد المتظاهرين في نيودلهي مئتين. وهتف المشاركون «إذا لم تتصرفوا كأشخاص بالغين، نحن سنفعل ذلك».
وقد نشرت غريتا تونبرغ عبر «تويتر» امس الاول الجمعة صورا لجموع متظاهرين في اليابان وهلسنكي والبندقية ولوكسمبورغ وفانواتو.
«عالم ينهار»
وفي العاصمة البولندية وارسو، وصلت المسيرة الاحتجاجية إلى وزارة الطاقة بمشاركة نحو ألفي شاب. أما في العاصمة السلوفاكية براتيسلافا، فقد ناهز عدد المتظاهرين الألف.
وفي ألمانيا، شارك عشرة آلاف متظاهر في المسيرات في برلين فيما جمعت التظاهرات ثمانية آلاف شخص في ميونيخ وخمسة آلاف في بريمن ومثلهم في فرانكفورت.
وتحدثت حركة «كامباكت» المحلية من ناحيتها عن مشاركة «300 ألف شاب» في تظاهرات في مئتي موقع في البلاد، «في أكبر مظاهرة مناخية في تاريخ ألمانيا»، لكن يصعب التثبت من صحة هذه الحصيلة.
وفي لندن، تجمع الآلاف أمام قصر باكينغهام بعد محطة قصيرة في شارع داونينغ ستريت حيث مقر رئاسة الوزراء. وفي باريس، سار ما بين 29 ألف متظاهر و40 ألفا (تبعا للمصادر)، من طلاب جامعيين وتلامذة وحتى أطفال أتوا مع أهاليهم، في مظاهرات سادتها أجواء من الهدوء.
وفي بلجيكا، أحصت الشرطة 30 ألف متظاهر في العاصمة بروكسل، فيما شهدت مدن أخرى تجمعات بينها غنت ولييج ومونس ونامور، أحيانا بمشاركة حوالى ألف شخص.
وفي سويسرا، شارك حوالى 30 ألف شخص في المظاهرات في خمس مدن، وفق وكالة الأنباء السويسرية.
وفي إيطاليا، شارك الآلاف في مسيرات جابت شوارع مدن عدة في البلاد، بتأييد من مسؤولين سياسيين كثيرين.
أما في العاصمة الإسبانية مدريد فقد جاب حوالى 4500 شخص شوارع المدينة بحسب تقديرات الشرطة، حاملين شعارات بينها «نحن لا نبحث عن مذنبين بل عن مسؤولين».
وفي نيويورك، تمدد حوالى خمسين شابا أمام مقر الأمم المتحدة على شكل أموات للمطالبة بالإسراع في جهود مكافحة التغير المناخي.
وقالت ألكسندريا فيلاسينور وهي فتاة في الثالثة عشرة من العمر استحالت أحد رموز هذه الحركة في الولايات المتحدة «اليوم يعلن الشباب الأمريكي نهاية عصر التشكيك بالتغير المناخي. نطالب القادة بالتحرك سريعا».
وشملت المظاهرات أيضا القارة السمراء، إذ شهدت شوارع العاصمة الأوغندية كمبالا مسيرات في إطار هذه التعبئة الشبابية العالمية من أجل المناخ. وقالت منسقة حركة «فرايدايز فور فيوتشر» في أوغندا سادراش ميريري «قادة اليوم سيشيخون ويموتون ويتركون خلفهم عالما ينهار». وذاع صيت غريتا تونبرغ من خلال رفعها وحيدة بصورة أسبوعية يوم الجمعة لافتة عليها عبارة «إضراب مدرسي من أجل المناخ» أمام برلمان ستوكهولم. ولم تتأخر هذه المبادرة في التوسع لتطاول بلدانا عدة إذ بات آلاف الشباب ينزلون إلى الشوارع أسبوعيا للقضية عينها خصوصا في بلجيكا وألمانيا.
عبء للأجيال المقبلة
وعادت غريتا التي طرح اسمها للفوز بجائزة نوبل للسلام هذا العام، امس الاول الجمعة للوقوف أمام البرلمان السويدي بصحبة مئات المتظاهرين الشباب. وقالت «نحن حديثو العهد في هذا العالم، سيتعين علينا العيش مع هذه الأزمة، نحن وأطفالنا وأحفادنا والأجيال المقبلة. لن نقبل ذلك».
ولم ترق المبادرة لبعض الساسة، من بنيهم وزير الاقتصاد الألماني بيتر التماير الذي انتقد توقيت التحركات خلال دوامات الدراسة.
لكن بحسب استطلاع للرأي أجراه معهد «بوليتباروميتر»، تحظى هذه التحركات بتأييد 67 % من الألمان.
وحظي المضربون بدعم من شخصيات نافذة، بينهم رئيسة وزراء نيوزيلندا جاسيندا أردرن التي قالت للطلاب هذا الأسبوع في البرلمان «لا تستخفوا بقوة صوتكم».
كما أعلن رؤساء بلديات مجموعة «سي 40» التي تضم أربعين مدينة كبيرة في العالم منها باريس وميلانو، دعمهم لهذه التعبئة الشبابية.
وتواصل انبعاثات الغازات المسببة لمفعول الدفيئة، المتأتية بالدرجة الأولى من مصادر الطاقة الأحفورية، ارتفاعها واضعة كوكب الأرض على مسار احترار يفوق ثلاث درجات مئوية ما يحمل تبعات خطيرة كبرى.
وتندرج هذه التعبئة الشبابية في إطار حركة مناخية أوسع مع خطوات عصيان مدني أو دعاوى قضائية كتلك التي قدمتها أربع منظمات غير حكومية الخميس في باريس ضد الدولة الفرنسية بدعم من أكثر من مليوني توقيع على عريضة، رفضا «للتلكؤ» في مواجهة التحديات المناخية.