شيرزاد شيخاني
وزير حقوق الانسان، رئيس هيئة المساءلة والعدالة، وزير الزراعة، رئيس مؤسسة السجناء السياسيين، وكيل وزير الهجرة والمهجرين، وزير العمل والشؤون الاجتماعية، وزير المالية، وزير التجارة، وزير الصناعة .. ولإتمام الحسبة يفترض أن يرشح الأستاذ محمد شياع» السوداني»، وزيرا لشؤون المرأة، ليناطح بذلك الفلاسفة العظماء (سقراط وأفلاطون وأرسطو) على أساس أنه (مفيش حد أحسن من حد) ..و»دك يا مزيكا»..
مشكلة العراق بعد سقوط صدام هي ما نطلق عليه نحن الكرد (جسبي دوقلوو) وهي مادة لصق إيرانية الصنع كانت تستخدم ومازال في العراق لإصلاح الأشياء المكسورة، فقد كانت لزگة قوية جدا من الصعب ازالتها .. وهكذا كل من أتوا الى المناصب بعد» تحرير» العراق تم إلزاگهم بتلك اللزگة الإيرانية على كراسيهم، فلم نعد نرى غيرهم في الواجهات والمناصب السياسية . يذهب علو، يأتي جلو، يذهب نونو يأتي عبدو.. وهلمجرا!.
حتى صدام بكل دكتاتوريته كان يجري بين حين وآخر تغييرات في وزارات حكومته ويختار من أصحاب الكفاءات والخبرة المسلكية، وكذلك يجري تغييرات بين حين وآخر في النخبة الحاكمة حوله، ماعدا إبقائه على نائبه عزت الدوري الذي بقي خالد الدهر حتى بعد اعدام صدام!.
أتذكر أنه في الثمانينات من القرن الماضي كانت هناك دائرة كارتونية تسمى» مديرية الثقافة الكردية» . وتعنى هذه المديرية كما هو واضح من عنوانه بالشؤون الثقافية الكردية، ولكن ما لم أفهمه لحد اليوم هو، مادامت هذه المديرية معنية بالثقافة الكردية لماذا أصبح مقرها في بغداد وليس في أربيل أو السليمانية مثلا؟؟.. مازلت عاجزا عن فهم هذا اللغز الصدامي، كما أعجز اليوم عن فهم الأسباب الموجبة لإنتقال السيد « السوداني» المرشح لرئاسة وزراء» العراق» بين كل تلك المناصب وكأن العراق خلا من غيره ؟؟ .. المهم أنني لا أفهم عن أي منصب من هذه المناصب يستلم صاحبنا راتبه التقاعدي حاليا، هل يجمع بينهم جميعا، أم أنه يستلم فقط أربعة رواتب والباقي تعتبر مما ملكت أيمانه!!..
على كل حال دعوني أعود الى قصة صاحبنا مدير الثقافة الكردية، حيث دأب هذا الأفندي وهو يشرف على صدور مجلتين وجريدة كردية، أن يغير رؤوساء تحرير هذه الصحف كل شهرين.. بحيث ينقل رئيس تحرير مجلة (بيان) ليكون رئيسا لتحرير جريدة (هاوكارى) وينقل رئيس تحرير الجريدة المذكورة ليكون رئيسا لتحرير مجلة (رنكين)، وهكذا يأتي بعد شهرين ليغير مواقعهم مرة أخرى.. وهلمجرا.. وحين سألوه: يا أٍستاذ أنت لم تفعل شيئا بهذه التغييرات ؟ أجاب» وماذا أفعل، أقسم بالله بأني لا أملك غير هذه الوجوه؟؟!! ..
ان ضياع فرص المشاركة السياسية وخصوصا من أصحاب الكفاءات والشباب هو بسبب هذه الثقافة البليدة التي شاعت بين الأحزاب السياسية العراقية بعد سقوط النظام السابق، فمجموعة صغيرة جدا باتت تستحوذ على جميع المناصب الحكومية ويلتصقون بها باللزگة الايرانية دون أن يعطوا الفرصة للآخرين . وهذه جريمة كبرى بحق البلد .. واعتقد بأن حل هذه المعضلة بسيط جدا وهو إصدار تشريع قانوني بعدم السماح لأي كان أن يشغل منصبا من رتبة مدير المدرسة الى رأس الدولة لأكثر من أربع سنوات، فمن لا يستطيع أن يحدث تغييرا في منصبه خلال أربع سنوات، لايستطيع أن يعطي شيئا خلال أربعين سنة!.
مشاكل العراق كثيرة كثرة رمال الصحراء، ولا يمكن معالجتها إلا بتفكيك هذه الدولة من أساسها وبناء دولة جديدة، أو برحيل هذه النخبة الفاسدة التي تتعامل مع العراق كأنها ضيعة أو إقطاعا وهبه لهم الخلفاء العباسيين، أو سلاطين العصر القابعين في طهران..
والسلام على من إتبع الهدى..