خلال ستة عشر عاما انشغلت الدولة العراقية بمسارات متعددة ابرزها إعادة بناء الدولة وسط ركام ماخلفته الديكتاتورية ولم تكن مثل المهمة يسيرة في ظل بروز تحديات جسيمة في مقدمتها التحدي الأمني المتمثل بظهور التنظيمات الارهابية واعلانها بشكل صريح رفضها للنظام السياسي الجديد في العراق والشروع بممارستها لجرائم التفجير والقتل لكل من ينتمي لهذا النظام وبالرغم من هذه التحديات الجسام الا أن الملفت للانتباه هو الوقفة البطولية لابناء الشعب العراقي الذي انخرط شبابه في تشكيلات القوات المسلحة للدفاع عن مشروع التغيير الذي كان يستهدف الانطلاق نحو عهد جديد يخلو فيه الوطن من مظاهر الطغيان ويودع فيه الشعب القرارات العبثية التي زجت بالملايين من أبناء العراق في اتون الحروب الدموية وكان يمكن للحكومات السياسية المتعاقبة التي انبثقت بعد إعلان الدستور الجديد أن تكون وفية لهذه الارادة الشعبية وان تخلص في أداء مهامها باتجاه تجنيب الشعب العراقي المزيد من الويلات والكوارث وان تشرع بتأسيس نظام مالي واقتصادي يعوض العراقيين عن سنوات الحرمان والتهميش ويطمئنهم بأن سنوات التضحية والصبر يمكن لها ان تنتج لهم واقعا خدميا واقتصاديا افضل وان ارواح الشهداء الذين سقطوا في سبيل رؤية عراق جديد ستكون منارة شاخصة تذكر السياسيين بتلك التضحيات وتدفعهم نحو بذل المزيد من الجهود لتقديم الخدمات التي تخفف معاملة هذا الشعب..
وفي كل نازلة ومحنة مر بها العراق تكررت التضحيات ولم ينقطع الشباب العراقي عن دعوات الجهاد وتقديم العون لكل عناوين النظام السياسي وقد شهد القاصي والداني للوقفة البطولية التي تم فيها دحر عصابات داعش الارهابية وفي كل هذه المحطات والظروف تحمل الشعب اشكالا مختلفة من العوز وتأخرت لسنوات طويلة حقوقه في العيش بابسط مقومات الحياة فيما انشغلت المجموعات السياسية التي يقع على عاتقها تأمين مستلزمات الحياة الكريمة الى المواطنين في تقاسم المصالح ونسيان تلك المواقف للمضحين وشاعت في البلاد خلال الفترة الماضية مظاهر الفساد وتراجعت آلى أدنى الدرجات مستويات التعليم والصحةوغابت خطط التنمية التي لم يعد يعرف عنها احد شيئا واتخذت الاحزاب المتصارعة من مفهوم التنمية شعارا للترويج والوصول الى السلطتين التشريعية والتنفيذية وتكشفت اليوم كل أشكال الزيف وبانت على نحو واضح الاكاذيب والادعاءات بأن هذه الطبقة السياسية جاءت لتخدم لا لتحكم مثلما تقول ادبياتها وبرامجها الانتخابية.
د. علي شمخي