عقب الأزمة التي خلفها منصب رئاسة الاقليم
السليمانية – الصباح الجديد – عباس كاريزي:
يسعى الحزب الديمقراطي لاستغلال الاكثرية التي يمتلكها في برلمان الاقليم لتشريع دستور جديد للاقليم يمكنه خلاله من اعادة تفعيل منصب رئيس الاقليم الذي رشح نيجيرفان بارزاني لشغله، بما يمنحه صلاحيات واسعة قد تفتح الباب امام ازمات سياسية جديدة في الاقليم.
وكانت اغلب القوى والاحزاب السياسية قد قدمت في حزيران عام 2015 مشروعا لتعديل قانون رئاسة الاقليم، الامر الذي رفضه الحزب الديمقراطي وقرر اغلاق مبنى برلمان كردستان وتعطيل عمله لمنع تمرير القانون.
وتشير اغلب التوقعات الى ان اقليم كردستان الذي لايملك لحد الان دستورا دائما يعمل خلال الدورة الحالية لبرلمان كردستان على تشريع دستور جديد يعتمد النظام البرلماني كنظام حكم في الاقليم بدلا عن الرئاسي الذي كان معمولا به في السابق.
واسهمت الصلاحيات التي كان يتمتع بها رئيس الاقليم وتفرد حزب سياسي واحد بقرارات وموارد الاقليم في بروز بوادر حكم دكتاتوري عائلي خلف تبعات وازمات هائلة على كاهل المواطنين في كردستان.
ويقول استاذ العلوم السياسية روند صابر للصباح الجديد، ان النظام البرلماني افضل لشعوب الشرق الاوسط ودول العالم الثالث، لانه ينسجم مع تحديات المرحلة ويمنع تفرد جهة بعينها بالسلطات والقرارات وموارد البلاد.
واوضح ان انتخاب الرئيس عبر الاقتراع المباشر من قبل الشعب سيمنع ان يكون تحت رقابة البرلمان وهو ما يتوقع ان يتجه بالاقليم الى النظام الدكتاتوري سيئ المعالم ينتج عنه المزيد من الازمات المشكلات ويؤدي الى بروز التفرد والهيمنة الشخصية والحزبية.
واضاف صابر ان الفساد والمحسوبية ورقة قوت الشعب وتبديد ثرواته الهائلة ووقوع الاقليم تحت طائلة ديون هائلة خلال المرحلة السابقة كان نتيجة للتفرد والهيمنة الحزبية والشخصية على مقاليد الحكم في كردستان وان بقاء الوضع كما هو سيمنع بناء حكومة قوية قادرة على محاربة الفساد واجراء اصلاحات حقيقة.
وتابع ان الدستور العراقي ينص على ان نظام الحكم في البلاد برلماني وليس رئاسيا، وان وجود نظام حكم رئاسي في الاقليم لاينسجم مع روح الدستور العراقي، الذي يعد المرجع في تشريع وصياغة القوانين في العراق واقليم كردستان على حد سواء.
وبعد عامين على تعطيل عمل برلمان كردستان وعودة عمله في 11 من تموز المنصرم اقر برلمان كردستان قانون للعام 2018 بالاغلبية الخاص بتعليق وتجميد منصب ومؤسسة رئاسة اقليم كردستان الذي تالف من 6 مواد.
ونص المادة الاولى من القانون على تاجيل اجراء انتخابات رئيس اقليم كردستان واجرائها مع انتخابات برلمان كردستان، بينما نصت المادة الثانية من القانون على توزيع صلاحيات منصب رئيس الاقليم على رئاسة حكومة الاقليم والبرلمان والسلطة القضائية.
وتنص المادة الثالثة من القانون على ان تعمل الدورة الخامسة الحالية لبرلمان كردستان ان تحسم مصير منصب رئيس الاقليم على ضوء المعايير العامة والتشريعات الدستورية.
وبينما بدات جولة جديدة من مباحثات تشكيل حكومة الاقليم بين الاحزاب الفائزة بقيادة الحزب الديمقراطي الكردستاني اكبر الاحزاب الفائزة، واعلان الديمقراطي استعداده لاعادة تفعيل منصب رئيس الاقليم وانتخابه من قبل برلمان الاقليم مزيلا بذلك اكبر عقبة كانت تقف امام اتفاق الاطراف السياسية على تغير نظام الحكم من رئاسي الى برلماني في الاقليم.
بدوره اشار استاذ العلوم السياسية اسماعيل احمد في تصريح للصباح الجديد ان برلمان كردستان شرع في دورته السابقة قانون رقم 4 للعام 2015 وهي المادة الخاصة بتشريع دستور اقليم كردستان وعرضه للاستفتاء امام الشعب، ونص القانون على تشكيل لجنة من 21 خبيرا ليعملوا في مدة اقصاها 890 يوماً على كتابة مسودة دستور دائم لاقليم كردستان، واردف الا ان الخلافات السياسية وعدم توافق القوى السياسية ادى الى تعطيل عمل اللجنة وفشلها في الانتهاء من كتابة مسودة الدستور الدائم لاقليم كردستان.
واضاف ان اغلب المؤشرات تتجه الى ان الحكومة القبلة في الاقليم ستكون للمرة الأولى خالية من القوى الإسلامية وستلبس زيا علمانيا، رغم أن دوافع استبعاد تلك القوى سياسة وليست إيديولوجية.
وكانت المباحثات التي يقودها الحزب الديمقراطي وزياراته المتتالية الى الاتحاد الوطني الكردستاني وحركة التغيير كقوتين غير إسلاميتين بهدف مشاركتهما في الحكومة وعدم إلاء اهتمام بالاحزاب الاسلامية، أظهرت عدم رغبته بمشاركة احزاب الاسلام السياسي في كومة الاقليم المرتقبة.
ولا يريد الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يملك أغلبية (45) مقعدا في البرلمان تكرار التجربة السابقة لحكومة القاعدة العريضة والتي تم طرد حركة التغيير منها ثم غادرها الاتحاد الإسلامي والجماعة الإسلامية، اذ كانت توشك على التصدع بسبب الأزمة المالية والمشكلات السياسية.
وقال فاضل بشارتي العضو القيادي في الحزب الديمقراطي لموقع نقاش، لن «نكرر تجربة الكابينة الوزارية الثامنة وسيتم إشراك الأحزاب حسب حجمها، وقد فشلت الأحزاب الإسلامية في الانتخابات وانخفضت نسبة مقاعدها وأصواتها وبالتالي من الطبيعي ان لا تشمل دائرة المشاركة في الحكومة القوى الإسلامية».
ولم يبلغ الحزب الديمقراطي حتى الآن الجماعة الاسلامية رسميا بأنه ليس مع مشاركتها في الحكومة، الا انه يبدو ان شروط المشاركة هي اكبر من رغبة الجماعة الإسلامية للمشاركة في الحكومة.
وكما يبدو فأن دوافع عدم إشراك الإسلاميين في الحكومة هي ليست ايديولوجية، بل سياسية باعتبار ان الحزب الديمقراطي قلق من طريقة تعامل الجماعة الإسلامية في الحكومة السابقة.
وقد دفع الجدال الحامي بين الحزب الديمقراطي وحركة التغيير والاتحاد الوطني حول تشكيل الحكومة و عدم حسم الخطوط العريضة للموضوع مسؤولي تلك الأحزاب الى الحديث بصعوبة عن منحى المفاوضات خشية أن تقلب احد التصريحات معادلة المباحثات وتعيدها إلى الصفر.
وفي حال عدم مشاركة الجماعة الإسلامية في الحكومة ودخولها جبهة المعارضة سينقسم ميدان الصراع بين جبهتين أولاهما هي معارضة ذات غالبية إسلامية والثانية ستكون حكومة علمانية.