مهدي الصميدعي افتى الجمعة بحرمة الاحتفال برأس السنة الميلادية..
بغداد – الصباح الجديد:
تسببت فتوى لمفتي الجمهورية مهدي الصميدعي تحرم الاحتفال برأس السنة الميلادية، بغضب عارم وسخط شديدين انعكسا في الاستنكار الرسمي والشعبي لهذه الفتوى التي اثارت حفيظات المسيحيين والمسلمين وباقي أطياف الشعب، وادانتة المفتي لما تسببه الفتوى التي وصفت على المستوى الرسمي بال( هوجاء غير الموزونة ) من تفتيت للنسيج المجتمعي العراقي وللدين على حد سواء، الأمر الذي أدى الى مطالبات بإحالة المفتي الى المحاسبة القانونية، سيما بعد شجب البطرياركية الكلدانية، وديوان الوقف السني على المستوى الرسمي، ونواب يمثلون المستوى الشعبي.
وشجبت البطركية الكلدانية في العراق والعالم التي يرأسها الكردينال لويس رؤفائيل ساكو، الفتوى التي اصدرها مفتي الجمهورية العراقية مهدي الصميدعي بشأن حرمة الاحتفال بأعياد رأس السنة الميلادية، في بيان تلقت، الصباح الجديد نسخة منه، إن «المعروف عن رجل الدين من اي دين كان ان يدعو الى الاخوّة والتسامح والمحبة وليس الى الفرقة والفتنة. من يتبنى كذا خطاب هو شخصية غير مكتملة»، مبينة انه «من المؤسف ان نسمع كذا ادبيات مستهلَكة بين حين وآخر».
وطالبت الحكومة العراقية بـ»متابعة هكذا خطابات ومقاضاة مروّجيها خصوصاً عندما تصدر من منابر رسمية»، مبينة ان «هذه مفاهيم خاطئة وخبيثة وبعيدة عن المعرفة الصحيحة بالاديان. فشعوبنا اليوم بحاجة الى تعميق القواسم المشتركة بما يُسهم في تحقيق العيش المشترك وليس التخوين والتكفير والحثّ على الكراهية».
وفي السياق، اصدر ديوان الوقف السني، بيانا بشأن الاحتفالات بمولد السيد المسيح (عليه السلام)، تلقت الصباح الجديد نسخة منه، وصف فيه الديوان ان التصريحات المسيئة للمسيحيين «الهوجاء غير الموزونة».
وقال رئيس الديوان عبد اللطيف الهيميم في البيان : «تابعنا بأسف عميق التصريحات المسيئة للمسيحيين من أبناء شعبنا العراقي الكريم في عيد ميلاد السيد المسيح عليه الصلاة والسلام»، مبينا انها «تصريحات خارجة عن المعقول والمقبول والمألوف والمعروف».
واضاف ان «هذه التصريحات لا تمثل ديوان الوقف السني بجميع منابره وأفكاره وتوجهاته في ترسيخ الوحدة الوطنية، التي كان للمسيحيين السبق في وجودهم التاريخي على أرض الرافدين من خلال أبائهم الكلدان والآشوريّين، بحضارتنا التي علّمت أهل الأرض كيف يُمسكون قلماً ويتنفّسون هواء الحرية، البابلية والسومرية والأكدية والآشورية، وجنائنه المعلقة، وقصر الإمارة، ومسلة حمورابي، وأسد بابل، وملحمة جلجامش، وشارع الموكب، الذي عبرت فوقه خيول نبوخذ نصر وعربات البابليين».
وتابع ان «مثل هذه التصريحات الهوجاء غير الموزونة ولا المقفاة ولا المنضبطة تعيدنا إلى خطاب الكراهية والتحريض والفتنة ورفض الآخر، ولا تمثل التعايش المشترك بين العراقيين بجميع شرائعهم قومياتهم وأطيافهم وطوائفهم ومذاهبهم، عربهم وكردهم وتركمانهم، شعب واحد تقاسم السرّاء والضرّاء منذ أن تشكلت هوية العراقيّ من الدم المنساب من ألوان الطيف كلها، يوم شقّت الأرض في العراق نخلة، فصارت حزمة الطيف أمتن من حزم العصيّ».
واكد الهميم «اننا لسنا مستغربين من هذه التصريحات التي تصدر عن هؤلاء الأشخاص، فمثلما هم يُحرّمون علينا الاحتفال بمولد فخر الكائنات وسيّدها نبيّنا الأكرم محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم نجدهم اليوم يُحرّمون الاحتفال بعيد السيد المسيح عليه السلام»، لافتا الى اننا «لا ننسى قصة عنقود العنب الذي قدمه عدّاس النصراني إلى نبيّنا محمد حين خروجه صلى الله عليه وسلم من مكة إلى الطائف يلتمس النصرة من ثقيف، فكان ذلك العنقود مثالاً للمحبة والتسامح والتعايش المشترك على طوال الحقب والعصور».
وتابع «أَوَ لم يهاجر المسلون الأوائل بعد أن ضاقت عليهم الأرض بما رحبت واتسع الظلم في كل مكان، ينشدون الأمن لدى النجاشي المسيحيّ ملك الحبشة»، موضحا «اننا في هذه اللحظة نود التذكير إلى أن الدين واحد وإن تعدّدت الشرائع الإسلامية والمسيحية واليهودية والصابئية بالنص القرآني الكريم».
وبين الهميم «كما نود التذكير أن هنالك العديد من المسميات والعناوين التي ظهرت ما بعد الاحتلال لجهات وأفراد تدعي تمثيلها المذهبي والديني والشرعي لأهل السنّة والجماعة ، وهي تجمعات وأحزاب ومؤسسات مجتمع مدني خارجة عن الإطار الرسمي لديوان الوقف السني، وأن جميع ما يصدر عنها من بيانات وتصريحات ومواقف إنما تمثلها بشكل شخصي ولسنا معنيّين بها لا من بعيد ولا من قريب».
كما استنكرت رئيس كتلة المجلس الشعبي الكداني السرياني الاشوري في البرلمان ريحان ايوب، الاحد، و»بشدة» موقف مهدي الصميدعي بشأن الاحتفال برأس السنة الميلادية و اعياد الميلاد، مطالبة اياه بتقديم اعتذار رسمي واتخاذ كافة الاجراءات القانونية والدستورية بحقه بموجب القانون.
وقالت ايوب، في بيان تلقت الصباح الجديد نسخة منه: «نستنكر وبشدة موقف مفتي مهدي الصميدعي مفتي الجمهورية حول الاحتفال برأس السنة الميلادية واعياد ميلاد الطفل يسوع المسيح في مغارة بيت لحم»، موضحة أن «هذا الخطاب المتشنج والعنصري لا يتلاءم مع روح الدستور والمواثيق الدولية وينافي مع كل ما يقال في العراق من التعايش السلمي وتقبل الاخر ولايخدم المجتمع العراقي المتنوع قوميا و دينياً».
وأضافت «لو لا مثل هذه الخطابات وهذا النهج لما رأى الشعب العراقي كل هذه ويلات ومأسي سواء على يد تنظيم داعش واخواتها»، مطالبة «الجهات المسؤولة في الدولة ببيان رأيهم وانهاء هذا الخطاب غير المسؤول».
وتابعت «نحن كنواب الشعب سيكون لنا موقف حاسم مع هذه الخطابات التي لاتخدم السلم الاهلي في البلد، وعليه لابد من تقديم اعتذار رسمي من الشخص المسؤول واتخاذ كافة الاجراءات القانونية والدستورية بحق المفتي مهدي الصميدعي بموجب القوانين العراقية التي تنبذ روح الكراهية بين مكونات الشعب العراقي».
ومن جانبها استشهدت كتلة بابليون النيابية بآيات من القرآن الكريم تكرس لنبذ الفرقة وتؤكد التوحيد لله في ردها على حديث مفتي العراق مهدي الصميدعي، كما طالبته بالاعتذار او المحاسبة قانونيا.
وقالت الكتلة في بيان تلقت الصباح الجديد نسخة منه انه «في الساعات الأولى بعد خطبة الجمعة للشيخ مهدي الصميدعي في مسجد أم الطبول في بغداد، بدأت تصلنا أخبار وصور أنه يكفّر ويحرّم على المسلمين، مشاركة المسيحيين أعيادهم، ولم نصدّق لحسن الظن بمقامه، جعلنا نعتقد أن تلك شائعات مغرضة بهدف التسقيط الإعلامي لمن يعتبر نفسه بمثابة «مفتي حسب ما يدعي «، مبينة انه «بعد ذلك، نشرت صفحتهم بالفيديو ما قاله، حيث سمعنا وشاهدنا ووجدنا أنفسنا في صدمة وذهول».
واضافت «خلال صياغتنا لهذا البيان فلا زلنا لا نصدّق فعلاً أن أي رجل دين له صفة رسمية قد يتبنى خطاباً من هذا النوع، في أرض دفع فيها المسيحيون دمهم بسبب هذه الخطابات»، متسائلة «ماذا سيتوقع الانسان البسيط، اذا كان الشيخ وأمام الكاميرات يقول بلا خجل ما قاله وان خطابه يعطي شرعية لقتلنا».
وتابعت ان «خطاب تكفيري من منبر يفترض ان يمثّل سنّة العراق التي قدمت تضحيات كبيرة وقاومت سيف ذو حدين، حدّ التكفير وحدّ التشويه، لمصلحة من هذا الخطاب»، مخاطبة الصميدعي بالقول «من قال لك ان التشدد هذا يمثّل أهلنا وإخوتنا وأبناء جلدتنا وبلادنا وشعبنا من المسلمين السنّة العراقيين، فهذا خطاب يمثّل التعصب والكراهية والسنة منها براء».
واكدت الكتلة ان «هناك عشرون آية بل أكثر، عن محبة المسيحيين وقدسية المسيح، فلماذا لم تستذكر قول كتاب المقدس القرآن الكريم («تجدن أقربهم للذين آمنوا الذين قالوا إنّا نصارى)»، متسائلة «لماذا الكراهية؟ أي رسالة ترسلونها الى المسيحي العراقي؟ وإلى العالم؟ وانتم لا تمثلون نفسكم بل موقعكم. هل هذا خطاب بغدادي مسالم يا سماحة خطيب أحد أبرز منابر بغداد؟».
وبينت «لن نرد عليه من باب الدفاع العقائدي المسيحي لنقول اننا لسنا من المشركين… لن نخبره أننا نردد في كنائسنا فعل الإيمان ونقول: نؤمن بإله واحد خالق السماوات والأرض… لن نعلمه أننا دين توحيدي، سنذكره بآيات القرآن الكريم التي مجدت المسيح ومولده المبارك، ليفهم سماحته، أن المسلم الحقيقي، لا يمكن ألا يحتفل بمولد عيسى (يقول القرآن الكريم «وَإِذْ قَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاء الْعَالَمِين، وِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ، َيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَمِنَ الصَّالِحِين».
واشارت الى «اننا سنكتفي بالتذكير أن يسوع المسيح أي النبي عيسى إبن مريم عليه وعلى أمه السلام، مذكور عشرات المرّات حيث يحوي القرآن الكريم سورة كاملة لأعجوبة المسيح وسرّه المقدس، وسورة كاملة لنسل أمه «آل عمران» سورة على اسمها «مريم»، كما ذكر متكرر في كل من سورة البقرة، والنساء، والأنعام، والتوبة، والأنبياء، والمؤمنون، والأحزاب، والشورى، والزخرف، والحديد، والصف، والتحريم».
ولفتت الى «اننا كعراقيين وكمسيحيين و المسلمين السنة والشيعة نطالب فوراً إما باعتذار وتوضيح، وإما باستقالة عن المنبر البغدادي العراقي، وإما نعتبره موقف رسمي وتحريض فتنوي يصنّف في خانة التكفير»، موضحة «اننا لن نرد على كراهيته بمثلها، بل سنلجأ إلى القانون ونحاسبه».
واكدت ان «هذا أمر لا يُسكَت عنه، ليس لأننا مسيحيين وحسب وليس لأجل المسيحيين فقط، بل لأجل الإسلام ورسالة الإسلام والمسلمين، ولأجل وحدة العراق وهويته ومستقبل العراقيين».
وكان الصميدعي قد افتى، خلال خطبة صلاة الجمعة في (28 كانون الاول 2018)، بحرمة الاحتفال بأعياد رأس السنة الميلادية.
كما اشار رئيس ديوان الوقف الشيعي في العراق وكالة علاء الهندي، الى ان الاحتفال بمولد المسيح ورأس السنة الميلادية ذريعة لممارسة الفساد والفجور.
وولدت تلك الخطابات ردود فعل رافضة من قبل سياسيين وناشطي مواقع التواصل الاجتماعي، الذين شددوا على ضرورة بث روح التسامح والمحبة بين اطياف الشعب العراقي.