وماذا عن مناجاة الربّ؟

  • 1 –
    اذا كان هناك مَنْ يفتخر بمخاطبته للملوك والرؤساء والزعماء الذين يستقبلونه ويرحبون به، في اشارة الى مكانته المرموقة عندهم ، فانَّ هناك مَنْ يعتبر مناجاته لربه مبعث سكينته واطمئنانه، ومصدر قوته وعزه، فهو يقف بين يدي ملك الملوك، ويُفضي اليه بكل ما يعتمل في نفسه من مشاعر ، يقف بين يديه معتذراً عن تقصيره وتائبا مما اقترف من المعاصي والذنوب .
    ويسأله العفو والرضوان ، ويضرعُ اليه مستمِدَاً منهُ القوةَ والعونَ على أنْ يكون كما أراده مولاه، ثابتا على الحق، مصطفا مع أهله ، شديدَ الشفقة والتحنان على المستضعفين والبائسين ، قريباً منهم ، بعيداً عن كل ألوان الاستكبار والغرور والانفلات ..
  • 2 –
    وهذه المناجاة تأتي في الغالب عبر الكلمات النقية التي تبوح بها النفس المؤمنة الصافية ، واحيانا تصدر عَبْرَ القوافي الشعرية .
    اسمع ما قاله الشاعر :
    بِبابِكَ عَبدٌ مِنْ عَبِيدِكَ مذنبٌ
    كثيرُ الخطايا جاءَ يسألُكَ العَفْوُا
    فأنزلْ علينا الصبرَ يا مَنْ بِفَضْلِهِ
    على قومِ موسى أنزلَ المَنَّ والسلوى
    يعترف بكثرة الخطايا ليتجاوز هذه الصفحة السوداء الى صفحةٍ جديدة بيضاء مزدانة بالطاعة لا بالخطيئة ،
    والى أيام ترفل بعز الارتباط الوثيق بالرب الرحيم الكريم ، واستذكار رقابته الخفية على كل حركاته وسكناته بعد أن ابعده الشيطان عن رحاب تلك الأجواء .
  • 3 –
    صعب على الانسان ان يعترف أمام الناس عن خطأه وخطاياه لأنهم قد يحتقرونه ويعيّرونه بِها ولكنه يجد السكينة والطمأنينه حين يُدلي باعترافاته أمام ربه لعلمه بأنه العفوُّ الغفور، المُحبُّ للتوابين والمتطهرين .
    واسمع ما قاله الآخر :
    أَذِقْني بَرْدَ عَفْوكَ يا إلهي
    فاني في الذنوب أبو الدواهي
    وجئتك تائباً أَسِفَاً وحسبي
    التزامي بالأوامر والنواهي
    وهكذا خلع رداء التمرد والعصيان وتجلبب بجلباب الطاعة والالتزام وأقبل على الله تعالى راجيا عفوه وقبول توبته .
    اللهم وفقنا للتوبة والانابة اليك من سيئات أعمالنا، وأفض علينا من لطفك ورحمتك ما يملأ نفوسنا سكينة وأمْناً وسلاما انك أنت اللطيف الرحيم .

حسين الصدر

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة