التشغيلي والاستثماري !

يثير موضوع عرض الموازنة العامة في العراق على اعضاء مجلس النواب سلسلة من المناقشات ويكثر الجدل حول فقراتها من دون ان يلوح في الافق تغيير جوهري في مضامين هذه الموازنة ومن الغريب ان موازنات العراق العامة للسنوات السابقة يمكن وصفها بانها موازنات انفجارية من دون ان يتمخض عنها انجاز او تغيير في واقع البلاد فالارقام المتخمة او الفلكية اذا صح التعبير عنها توحي بان الاقتصاد العراقي يمكنه التعافي من مشكلاته وازماته بيسر في ضوء التخصيصات المالية التي تتحدث عنها تفاصيل الموازنة على الورق فيما السنوات تتعاقب ولايجد المواطن العراقي على الارض مايؤكد القدرات المالية التي تمتلكها الدولة ويمكن الاستشهاد بما تدلي به النائبة ماجدة التميمي من ملاحظات مع كل جولة من المناقشات داخل البرلمان بشأن الموازنة فقد ابدت السيدة التميمي وهي عضو لجنة التخطيط الاستراتيجي في مجلس النواب استغرابها من وصف الموازنة هذه المرة من قبل بعض اعضاء الحكومة وقولهم بانها موازنة تقشفية وتساءلت ( اذا كانت الموازنة تقشفية بقيمة 133.1 ترليون دينار فكيف يمكن ان تكون الميزانية الانفجارية )؟؟ ويبدو ان ثمة مناورات تتبعها جهات حكومية تريد من ورائها اخفاء الكثير من ابواب الصرف في الموازنة العامة وتصر فيها على سوء الادارة في توزيع الاموال وفي كل عام يتحول هذا الملف الى صراع ومناكفات داخل قبة البرلمان من اجل تمرير فقرات الموازنة والاستماتة من قبل الحكومة والدفاع بوجه اية تعديلات مقترحة يريد من خلالها اعضاء مجلس النواب التقويم والاصلاح ولايبدو في الافق القريب نجاح اية محاولات من اجل احداث تغيير جوهري في موازنات العراق العامة مادام الانشغال والاهتمام يقتصر على النفقات التشغيلية وغض النظر عن تحقيق اي تطور حقيقي في ابواب النفقات الاستثمارية مما رسخ من حقيقة الاقتصاد الريعي في العراق والذي اصاب البلد بالشلل والجمود واصبح هم الحكومات المتعاقبة تسديد الرواتب للموظفين من عائدات النفط التي يتم بيعها وتصديرها الى الخارج وبالتالي يتم اهمال بقية القطاعات الحيوية الاخرى في ميادين الصناعة والزراعة والتجارة بحجة عدم وجود الموارد الكافية لتنشيط هذه القطاعات ولم تنفع الانتكاسات الاخيرة التي اصابت الاقتصاد العراقي وتعرض البلاد الى الخطر بسبب انخفاض اسعار النفط في تغيير نمط التفكير لدى المسؤولين في العراق ومن هنا لايمكننا القول ان الواقع الاقتصادي في العراق في طريقه للتعافي مادامت معادلة التشغيلي والاستثماري مريضة ومنهكة يتم فيها الاتكال على مبيعات النفط وتغيب فيها ملامح دوران عجلة الانتاج والنشاطات الاخرى وتنتج لنا ملايين العاطلين عن العمل في كل عام .
د. علي شمخي

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة