أنا … ومهاتير !

لا أدري هل هو القدر أم الحظ السعيد أم هو .. من “حسن الصدف” .. أن أجد نفسي واقفاً وجهاً لوجه أمام السيد مهاتير محمد رئيس وزراء ماليزيا الأسبق وأحد أهم الشخصيات العالمية المرموقة المؤثرة في مجتمعاتها التي طالما قرأت عنها وأعجبت بسيرتها الغنية وبإنجازاتها العظيمة التي لن يجد المرء إلا أن يقف لها احتراماً وإجلالاً.
وبعيداً عمّا دار بيننا من أطراف الحديث .. فإن من لا يعرف مهاتير محمد عليه أن يقرأ سيرة هذا “السياسي” ورجل الدولة والقائد المثالي الذي لا يقل أهمية أو شأناً عن غاندي أو نيلسن مانديلا وغيرهم من العظماء الذين رسموا لبلدانهم خارطة طريق تاركين خلفهم إرثاً غنياً خالداً ودروساً وعبر تتعلم منها الشعوب وتقتدي بها الأمم.
مهاتير محمد الذي ترأس حكومة بلاده لمدة 22 عاما وتنازل عنها بإرادته وهو في قمة مجده وعطائه عام 2003 عمل منذ تسلمه السلطة في عام 1981 بجد وإخلاص للنهوض بواقع بلده الذي كان يعاني من مشاكل وأزمات وتخلف وارتفاع في نسبة الفقر وتفشي ظاهرة البطالة وتدني مستوى دخل الفرد .
بدأ “مهاتير محمد” بالخطوات الاولى للإصلاح الاقتصادي والاجتماعي من خلال تشجيع الاستثمار والخصخصة وتطبيق قاعدة اقتصاد السوق فضلاً عن النهوض بالواقع الزراعي والصناعي والسياحي والعلمي وغيرها من قطاعات التنمية الاخرى.. وذلك من خلال وضع الخطط و الحلول الناجعة والمعالجات الجذرية وفق رؤية عصرية واقعية ناضجة بالاستفادة من تجارب الدول المتقدمة وخصوصاً إنكلترا وألمانيا.. وبفضل هذه الخطوات بدأت ماليزيا تشهد ارتفاعاً ملحوظاً في نسبة النمو الاقتصادي وارتفعت معدلات صادرات بلاده من 5 مليارات دولار الى نحو 520 مليار دولار سنوياً .
أما القطاعات الصناعية فقد ازدهرت سريعاً وأصبحت الشركات الماليزية تشكل منافساً قوياً للدول الرائدة في هذا المجال.. بحيث اقتربت ” ماليزيا ” لتكون إحدى أكبر الدول الصناعية في العالم.كذلك قرر “مهاتير محمد ” وقف الاستدانة والاقتراض من الخارج .. و تمكن من تسديد ديون بلاده ، وبهدف انصراف الطاقات العلمية والكفاءات الوطنية لدعم الشركات الاستثمارية والتوظيف فيها .. اتخذ قراراً جريئاً يتمثل بإيقاف التعيينات في قطاعات الدولة ، اهتم بالتعليم وخصص 25 بالمئة من الموازنة لدعم هذا القطاع وبفضل ذلك ارتفع عدد الجامعات من 5 جامعات الى 80 جامعة في أنحاء البلاد وصُنفت مؤخراً من بين أفضل مئتي جامعة في العالم.. تضاعف دخل الفرد 7 مرات وانخفضت نسبة البطالة الى 3 بالمئة وانخفضت نسبة السكان الذين يعيشيون تحت مستوى خط الفقر الى 5 بالمئة بعد أن كانت 52 بالمئة من نسبة السكان… ماليزيا بلد متعدد الأعراق استطاع ” مهاتير ” بفضل حكمته وكياسته من توحيدهم تحت مظلة الوطن ويقول “مهاتير” بصدد ذلك: (على الرغم من تعدد وتنوع الأعراق واللغات والديانات للمجتمع الماليزي إلا أننا اتفقنا جميعا على تنحية كل تلك الخلافات والاختلافات جانباً والاهتمام ببناء الدولة والمجتمع والعمل على تتطوره وتقدمه “.
وهنا أتساءل .. كم من سياسيينا قد قرأ سيرة هذا السياسي والموظف التنفيذي الذي نقل بلاده الى مصاف الدول المتقدمة ، وكم سياسياً تأثر بإنجازاته وتعلم منها .. وأراد أن يسير على خطاه .. وهل هناك بعد اليوم من يتجرأ من سياسينا على فتح فمه .. ويواصل الإسهال الكلامي الذي أصابهم جراء التصريحات العشوائية … وهو يطالع إنجازات هذا الرجل !

ضوء
اصمت .. ودع عملك .. يتكلم نيابة عنك !
عاصم جهاد

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة