صادق باخان*
لم تشهد أميركا حرباً داخل اراضيها سوى الحرب الاهلية التي قامت بين الشمال والجنوب وانتهت بانتصار الشمال الرأسمالي فعاشت اميركا عزلة مطلقة غداة الحرب العالمية الاولى الى ان ارتكبت اليابان حماقة عظمى بقيامها قصف سفن اميركية راسية في بيرل هاربر فناشد الرئيس الاميركي فرانكلن روزفيلت الكونغرس باعلان حالة الحرب على اليابان فألقت اميركا قنبلتين فوق هيروشيما وناغازاكي فأستسلمت اليابان على اثرهما وانضمت اميركا الى الحلفاء ليقودها الجنرال دوايت ايزنهاور لالحاق الهزيمة بالنازية الهتلرية .
ومن المثير انه حين ارتكب تنظيم القاعدة هو أيضاً حماقة عظيمة بشن هجمات على برجي التجارة العالمية في منهاتن في العام 2001 فان الرئيس جورج بوش عد الهجمات بمنزلة الهجمات اليابانية على بيرل هاربر وشن الحرب على طالبان في افغانستان وعلى نظام صدام حسين اذ الولايات المتحدة لا تسمح لكائن من يكون ان يضربها في عقر دارها ولذلك ظلت قوية من الناحيتين العسكرية والاقتصادية في حين سقط الاتحاد السوفييتي بكل جبروته من دون اطلاق رصاصة واحدة عليه .
وكما يبدو ان الرئيس باراك اوباما وهو الديمقراطي ليس شبيها بالرئيس روزفيلت وهو القدوة له مثلما كان للرئيس بيل كلنتون لكن روزفيلت اعلن الحرب مضطراً في حين شن الرئيس جورج بوش مختارا فاطاح بنظامي طالبان وصدام حسين على التوالي .
والمثير ان الرئيس اوباما عد الحرب على نظام صدام حسين ب ( الغبية ) وتعهد في اثناء الحملة الانتخابية للرئاسة بسحب القوات الاميركية من كل من افغانستان والعراق واوفى بعهده لان الديمقراطيين حريصون على الاهتمام بالشؤون الداخلية ويعملون على رفاهية المواطنين بعكس الجمهوريين المهووسين بالحروب شأنهم في ذلك شأن الاسبارطيين والبيسماركيين .
ومن ذلك فان الرئيس اوباما كان حريصاً على عدم اشراك بلاده في الحرب على نظام العقيد معمر القذافي ودفع بحلف شمال الاطلسي القيام بالمهمة فاطيح بالقذافي بالطريقة المهينة المعروفة لتغرق ليبيا في هذه الفوضى القبلية واعاد الكرة في سوريا ولم تشترك اميركا في الحرب ضد نظام الرئيس بشار الاسد بل اكتفت بتزويد المعارضة باسلحة غير مميتة بحسب العنوان المعلن .
مع بروز خطر تنظيم الدولة الاسلامية المعروف بداعش فقد اعلن الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند انه سيقترح عقد مؤتمر بشأن العراق ومحاربة تنظيم الدولة الاسلامية وعد الوضع الدولي اليوم هو الاخطر منذ هجمات القاعدة في العام 2001 وقال هولاند ان علينا ان نضع استراتيجية شاملة ضد هذه المجموعة التي باتت تشكل كياناً منظماً ولديها الكثير من التمويل واسلحة متطورة وتهدد دولا مثل العراق وسوريا ولبنان بحسب تعبيره .
ومع ذلك ظل الرئيس باراك اوباما على موقفه بعدم التورط في الحرب ضد داعش والاكتفاء بشن ضربات جوية محدودة ولكن فجأة تغير الموقف الاميركي ازاء داعش اذ اعلنت واشنطن ان الضربات الجوية التي تنفذها في شمالي العراق غير كافية وان هزيمة هذا التنظيم الارهابي تتطلب ضربه في سوريا ، وقال في هذا الشأن وزير الدفاع تشاك هاغل خلال مؤتمر صحفي مشترك مع رئيس هيئة اركان الجيش الاميركي مارتن ديمسي بان الولايات المتحدة تبحث في جميع الخيارات المتاحة للتعامل مع داعش واكد ان بلاده تعمل على رسم استراتيجية طويلة الامد لمواجهة هذا التظيم وان علينا ان نكون جاهزين لمواجهة جميع السيناريوهات المحتملة في هذا الاطار بحسب تعبيره وعد داعش اشد خطراً من القاعدة في حين قال مارتن ديمسي ان ثمة امكانية لهزيمة داعش اذا تمت مهاجمة التنظيم في سوريا وليس في العراق فقط واكد على عدم رغبة بلاده في تكرار هجمات 11 ايلول في العام 2991 واكد ان الولايات المتحدة قدمت اسلحة ثقيلة لقوات البيشمركة لمساعدتها على مواجهة داعش .
وهناك من يرى انه برغم كل المساعدات التي تقدمها الولايات المتحدة للقوات العراقية من بينها قوات البيشمركة فان على الرئيس الاميركي باراك اوباما ان يتخذ قراره المصيري والجوهري ويصدر اوامره بوصفه قائداً عاماً للقوات المسلحة الاميركية للقوات الاميركية بدك معاقل داعش بصواريخ توماهوك على اثر قيام داعش باعدام الصحفي الاميركي جيمز فولي انتقاماً للضربات الجوية الاميركية ضد مقاتليه في العراق وهدد داعش باعدام اميركي آخر اسير لديه ، فماذا سيكون موقف الرئيس باراك اوباما امام الشعب الاميركي الذي يدفع الضرائب ؟ هل سيظل على تردده مثلما ظل الرئيس الاسبق جون كنيدي في قضية قيام الاتحاد السوفييتي بنشر اسلحة نووية موجهة ضد اميركا في مشكلة خليج الخنازير في كوبا ام سيقوم بسحق داعش الذي شبهه بورم سرطاني يجب اجتثاثه ؟ تلك هي القضية وما تبقى هي الراحة .
*من أسرة تحرير الصباح الجدي