شرنقة الاستقطاب !

يحفل التاريخ السياسي للعراق بمظاهر التاثر والتاثير الاقليمي وساهم التشكيل الجغرافي للعراق كدولة ذات سيادة في كثير من الاحداث التي رافقت تاسيس هذه الدولة ومن ثم في التغيرات والتبدلات في الانظمة الساسية الحاكمة ولربما كان لدول الجوار العراقي العربية منها وغير العربية وماتدين وماتؤمن به الدور الاكثر تاثيرا في هذه التحولات وعلى المستوى الداخلي ساهم التنوع في التركيبة السكانية العراقية دينيا وقوميا ومذهبيا في تكريس مواقف الابتعاد والاقتراب من هذه الدولة اوتلك وبقيت عيون دول الجوار ترنو الى مايجري في العراق متفاعلة مع هذا التنوع وتفاوتت مستويات هذا التفاعل صعودا او نزولا تبعا لقوة الانظمة السياسية الحاكمة وقدرتها على تثبت الهوية الوطنية للعراق والحرص على حماية المكونات العراقية وتمتعها بكافة حقوقها التي تتسق مع حقوق الانسان وحينما تختل هذه الالتزامات وحينما تضعف قوة الدولة وتهتز الثقة بقدرتها على تحقيق المساواة تبرز بقوة مظاهر الرفض والتمرد وتتحرك ادوات التاثير الاقليمي متعاطفة مع مكون من المكونات وتشيع مظاهر الاستقطاب الطائفي معززة بمواقف التاييد والولاء لدولة في المشرق او دولة في المغرب وعلى مدى حقب طويلة تصدرت مشاهد الاستقطاب الطائفي وبانت واضحة وصريحة في محطات بارزة من التاريخ السياسي للعراق وتجلت في الحروب والنزاعات التي خاضتها الانظمة الحاكمة في العراق واختلاف المواقف تجاهها بين مؤيد او معارض واتهمت هذه الانظمة في احيان كثيرة باتهامات الاضطهاد والتهميش لفئة معينة من فئات المجتمع العراقي مما تسبب بتحولات في مواقف هذه المكونات تجاه السلطة تمثلت بالانتفاضات وحركات التمرد في الشمال والوسط والجنوب واجهها النظام الديكتاتوري السابق بالقمع والتنكيل والارهاب وعززت هذه الاحداث والتحديات من فرص الاستقطاب الطائفي في العراق و منذ سقوط النظام السابق وحلول التعددية بدلا من الشمولية تقوى المعادل الاقليمي في التدخل بالشان العراقي وضاعت مع هذا التدخل الكثير من مكنونات الهوية الوطنية في العراق وصار من المالوف ان ترى تعدد الولاءات في اعلى الهرم السياسي وفي القيادات الحزبية وصولا الى الطبقات الشعبية ومع اي حديث عن قضية او شان يتعلق بدول مثل ايران او تركيا او السعودية او الكويت او الاردن او سوريا تتشظى المواقف عند المتحدثين ويغيب او يضعف التعبير عن المواقف الوطنية ويحل محلها الاستقطاب الطائفي بمظاهره المتعددة وفي الجانب الاخر تتعامل هذه الدول مع مايحصل في العراق بصبغة طائفية هي الاخرى وتسوق وسائل اعلامها كل حدث هنا بما يتسق وايدلوجية نظامها السياسي وقد ان الاون كي يقرر العراقيون لحظة الخروج من هذه الشرنقة التي يراد لها تكبيلهم وتبعيتهم الى اطول فترة ممكنة وسيكون اختيار حكومة رافضة للولائية ومتمسكة بالعراقية روحا وانتماءا اولى الخطوات للخروج من هذه المحنة وهذا المازق المسمى (الاستقطاب الطائفي).
د. علي شمخي

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة