عتريس والانتخابات!

لعل أبرز الحالات الطريفة والساخرة التي أسفرت عنها الانتخابات التشريعة الأخيرة، التي تستحق التوقف عندها والتأمل فيها بعيداً عن الصراعات والمنافسات والقيل والقال.. والاتهامات والتصريحات والتزوير والعد اليدوي أو الالكتروني، هي حصول بعض المرشحين على “صفر” من الأصوات، كما ورد في التقرير النهائي للمفوضية العليا المستقلة للانتخابات الذي أشار أيضاً الى حصول مرشحين آخرين على أرقام متدنية لم تتجاوز الخمسة أصوات بحسب صناديق الاقتراع، وهي باعتقاد أصحابها خير من عشرة على الشجرة !
يقول “أبو خضر” صاحب “عربة الخضروات” في محلتنا معلقاً على أصحاب “صفر” من الأصوات: “أستاذ بداعتي عليك لو آني مرشح موجان حصلت على أصوات أكثر من هذوله..؟ آني متأكد أنو كل زبائني ومعاميلي يصوتون إلي”..!
أجبته: “أكيد أبو خضر.. عندك قاعدة شعبية وحضرتك تستحق كل الخير لأنك في أقل تقدير دتقدم الخدمات المخلصة لأبناء المحلة على مدار اليوم”..!
ضحك مقهقهاً مزهواً بما وصفته به.. وقال: يعني أستاذ كلامك راح يخليني أفكر بالترشيح للدورة البرلمانية القادمة!
ضحكنا طويلاً.. وقلت له وأنا أودعه “إبعد عن السياسة وغنيلووو وخليك على الخيار والطماطة أحسن وأشرف”..!
ظاهرة مضحكة مبكية في آن واحد.. تدعو المرء الى التوقف عندها وخصوصاً موضوعة “الثقة بالنفس الأمارة بمقعد نيابي” !
من الجميل أن يمتلك البعض الثقة بالنفس، لكن ليس الى الحد الذي لم تحصل فيه هذه “المرشحة” أوذلك “المرشح” الهمام حتى ولو على صوت يتيم واحد، والسؤال الذي”يدوّخ” المتخصصين في الطب النفسي والمجتمعي هو: ما هي الأسباب التي جعلت البعض من هؤلاء يحشرون أنفسهم في “معمعة” الانتخابات وفق قاعدة “حشر مع المرشحين عيد” وهم لا يمتلكون قاعدة شعبية أو حتى الحد الأدنى من التأييد الجماهيري؟!!
من النوادر التي شهدتها الانتخابات أن أحد المرشحين ذهب مزهواً بصحبة زوجتيه الى المركز الانتخابي للإدلاء بأصواتهم في صناديق الاقتراع، وعند إعلان النتائج حصل هذا المرشح المزواج على صوتين فقط..! أي صوته وصوت إحدى زوجتيه!
المصيبة ليست هنا، بل في الفضول الذي دفع صاحبنا “المرشح” الى البحث والتقصي ليس لمعرفة واكتشاف حالات التزوير والخروقات التي حصلت في المحطات والمراكز الانتخابية بل لمعرفة أي من “الزوجتين” لم تصوت له حتى يعاقبها وينال منها عبر الزواج بثالثة، وبسبب هذه القضية أصيب بالأرق وفقدان الشهية للطعام والشراب، وظل على هذا الحال والمنوال يهذي ويثرثر بكلام غير مفهوم، وكلما تذكّر هذه الحادثة أو شاهد تقريراً تلفزيونياً عن الانتخابات.. وقف على سطح داره مردداً على مسامع الجماهير الحاشدة “زواج عتريس من فؤادة باطل” !

•ضوء
رحم الله أمرءاً عرف قدر صناديق الاقتراع !

عاصم جهاد

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة