إرساء الاستقرار في الموصل والأهداف الاستراتيجية الأميركية المستقبلية في العراق

بعد القضاء على تنظيم داعش والشروع في البناء
2 ـ 2

كيفية هيكلة قوات الأمن
في الموصل
وبالمثل، ينبغي على عملية التجنيد وإدارة شؤون الهيئات الحكومية المحلية والشرطة وفق صيغة محددة، أن تعكس تركيبة سكان المدينة ما قبل تنظيم «الدولة الإسلامية». ويمثل تجنيد السكان المحليين من المدن إلى قوات الشرطة، بما في ذلك الأقليات العائدة، أولوية.
وعلى مستوى العمليات، تشمل المتطلبات تعيينات لقيادة مستقرة وغير مسيّسة وتوفير وحدة وتنسيق أكثر قوة بكثير بين قوات الأمن الاتحادية العراقية والكردية والمحلية في نينوى. وتبقى «قيادة عمليات نينوى» – مقر قيادة أركان مشتركة بقيادة ضابط بثلاث نجوم [وفقاً للرتب العسكرية للجيش الأميركي] قائمة منذ عام 2008 – هندسة القيادة والتحكم الأكثر ملاءمةً، لكن لا بدّ من تطبيق المفهوم بشكل أكثر فعالية مما كان عليه الحال في السنوات التي سبقت عام 2014. وكما نجح التحالف بقيادة الولايات المتحدة منذ عام 2014 في تشجيع ترقية العراقيين من ضباط «جهاز مكافحة الإرهاب» الموهوبين إلى مراتب قيادية عالية، على التحالف أن يستخدم الآن نفوذه ومستشاريه لتحسين قيادة «قيادة عمليات نينوى» وبنيتها.
وينبغي أن تتضمن هذه الجهود إنشاء هيئات تنسيق رئيسة بشأن سياسة الأمن الكلية والعلاقات المجتمعية ومشاركة المعلومات الاستخبارية وتحديد نقاط التفتيش. وللمساعدة في التنسيق، يجب تشجيع العراق على جعل موقع مقر «قيادة عمليات نينوى» أقرب ما يكون من «مجلس محافظة نينوى» ومراكز الشرطة الموجودة في مدينة الموصل.

كيفية منع بروز تنظيم «داعش»
من جديد في الموصل
توفّر الفترة 2007 – 2014 عبراً واضحة تتعلق ببعض الخطوات الأولى التي يتعين على العراق والتحالف اتخاذها في الموصل:
• توفير المساعدات الاقتصادية وإعادة الإعمار للمناطق الحضرية الأكثر فقراً. لأكثر من عقد من الزمن، لم تتمّ تلبية حاجات إعادة الإعمار في المدينة، يجب على التحالف أن يشجع العراق على استهداف إعادة الإعمار في المناطق الأكثر احتمالاً بأن تشكّل ملاذات آمنة لتنظيم «الدولة الإسلامية» وغيره من المسلحين. ويعني ذلك التركيز الأكبر على الأحياء العربية الفقيرة في الأطراف الخارجية للمدينة من جهة الشمال الغربي والجنوب الغربي والجنوب الشرقي. فلطالما كانت هذه المناطق مهملةً في السابق واستخدمها تنظيم «داعش» كبيئة حاضنة لعمليات الانتعاش السابقة التي نجح في تحقيقها، حيث اعتمد المقاربة الاقتصادية القائمة على «حرب الطبقات» لتجنيد الفقراء.
• عدم تجاهل المناطق الريفية. فضلاً عن ذلك، يجب ربط الأمن في المناطق الحضرية باستقرار «المناطق الساخنة» الريفية التي يتواجد فيها المسلحون مثل بادوش والشورى وتلعفر، والتي خرج منها عدد غير متكافئ من مقاتلي تنظيم «الدولة الإسلامية». وجزئياً، كانت سيطرة التنظيم على الموصل في عام 2014 ردّ فعل ساخط ريفي مقابل مدني. وبالتالي، لا بدّ من تقليص هذا الانقسام الاجتماعي لحرمان تنظيم «داعش» من النهوض والتوسّع من جديد.
• التعامل مع تنظيم «الدولة الإسلامية» على أنه خطرٌ إجرامي رئيسي منظم. على العراق المساعدة في تطوير قدرات قوية في مجال مكافحة الجريمة المنظمة [ومساعدة] الحكومات المحلية في محاربتها الفساد، نظراً إلى أن تنظيم «داعش» سيعاود الظهور في الدرجة الأولى في المناطق الأكثر قابلية للجريمة في الموصل، كما فعل بعد القضاء على سلفه تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق» عام 2010. وقد تنجح عودة تنظيم «الدولة الإسلامية» في الموصل أو تفشل في الأسواق والمكاتب والدوائر الحكومية حيث سيحاول الإرهابيون اللجوء إلى التهديد والخطف والقتل خلال توجههم نحو استعادة نفوذهم.

الدور المستقبلي للتحالف بقيادة الولايات المتحدة
بإمكان التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة أن يلعب دوراً إيجابياً أساسياً في تشجيع العراق على تسليم السياسات الأمنية في نينوى إلى قادة جيدين ودعم هؤلاء القادة وبذل جهد مشترك لمنع نهوض تنظيم «الدولة الإسلامية» من جديد. أولاً، على التحالف بقيادة الولايات المتحدة التصرّف بنفسه بطريقة منسقة. فالتحالف الحالي ضد تنظيم «داعش» أكثر فائدة بكثير من مهمة أميركية أحادية الجانب تعتمد على مساهمين أساسيين مثل بريطانيا وأستراليا ونيوزيلندا وإيطاليا وفرنسا وألمانيا وإسبانيا وكندا، على سبيل المثال لا الحصر.
وبإمكان مثل هذا التحالف، الذي يضمّ بعض من أكبر الاقتصادات في العالم وشركاء في المساعدة الأمنية، المساهمة في تضخيم الضغوط الدبلوماسية من خلال تسليط الضوء على الحاجة إلى مقاربات مبنيّة على التوافق بشأن نينوى خلال المناقشات في الموصل وأربيل وبغداد وأنقرة وحتى طهران. كما يضمن التحالف تقاسماً عادلاً للعبء بين الولايات المتحدة والشركاء الآخرين، الذين يبذل الكثير منهم جهوداً كبيرة للغاية للقيام بأمور لا تستطيع الولايات المتحدة القيام بها بسهولة (على سبيل المثال، الدعم الذي تقدمه «قوات الدرك الوطني» الإيطالية أو «كارابنييري» لـ «الشرطة الاتحادية العراقية»).

تمديد ولاية «قوة المهام المشتركة»
إذا تمّ تمديد فترة ولاية «قوة المهام المشتركة – «عملية العزم المتأصل»»، يمكن توسيع نفوذ التحالف فيما يتخطى تحرير الموصل. على التحالف أن يُلزم الولايات المتحدة على تقديم تعاون أمني استثنائي لفترة لا تقل عن ثلاث سنوات إضافية، تكون خاضعة للمراجعة والتمديد. ويتمثّل الهدف من ذلك هو توفير جسر لهذه العلاقة المعزّزة من التعاون الأمني ليطال الحكومة العراقية الجديدة خلال ولايتها بين عامي 2018 و 2022.
ومن الضروري أن تكون الرسالة واضحة، وهي: أن الولايات المتحدة لن تنسحب من هذه المعركة بعد تحرير الموصل. وبخلاف الانسحاب المتسرّع في الفترة 2009-2011، سيكون المسؤولون الأميركيون ملتزمين بعلاقة مكثفة من التعاون الأمني مع العراق من خلال الإطار المتعدد الجنسيات لـ»قوة المهام المشتركة – «عملية العزم المتأصل»» لمنتصف المدة، من أجل هزيمة تنظيم «الدولة الإسلامية» بشكل نهائي في العراق. ومثل هذا الجهد يجب أن يشمل مساهمة مستمرة لـ «قوة مهام العمليات الخاصة المشتركة-العراق» وتعاون استخباراتي محسّن واستمرار الوجود الأميركي في «قيادة العمليات المشتركة» وجهد حثيث في مهمة «بناء قدرة الشريك».

ما الذي ينبغي على التحالف القيام به في الموصل
بإمكان الخطوات المذكورة أعلاه تعزيز نفوذ الولايات المتحدة والتحالف على حد سواء من أجل المساهمة في إرساء الاستقرار في نينوى على المدى الطويل. فعلى سبيل المثال، بإمكان التحالف أن يحافظ على مشاركته المباشرة في تطوير قوات الأمن التي مقرها في نينوى.
وإذا ما واصل التحالف تدريب قوات الجيش العراقي وتجهيزها في القواعد الكبيرة قرب بغداد والتاجي وبسماية، فعندئذ ستكون الحكومات الغربية في موقع أفضل يخوّلها ضمان تجنيد سكان الموصل ونينوى في الجيش بأعداد مناسبة، مما يشكّل مقياساً رئيسياً للمصالحة. وعلى نحو مماثل، يسمح تدريب «قوات الدرك الوطني» الإيطالية لـ «الشرطة الاتحادية العراقية» بالإشراف والتأثير على تطوير قوات «الشرطة الاتحادية» المجندين حديثاً في نينوى.
ولا يمكن للمبادرات التدريبية المتخصصة أن تضمن نفوذ التحالف فحسب، بل أن تساعد أيضاً بشكل مباشر على استقرار نينوى. ومن الأمثلة على ذلك:
• تدريب القوات الخاصة والمخابرات على عمليات مكافحة الإرهاب والجرائم المنظمة.
• تطوير «مركز متميز لمكافحة التمرد» مخصص لـ «الجيش العراقي» و»الشرطة الاتحادية».
• تطوير قدرات أمن الحدود وقدرات لوجستية لدعم العمليات في مناطق غير محكومة بعيداً عن البنية التحتية اللوجستية القائمة، مثل الحدود بين نينوى وسوريا.

الاستمرار في إيلاء الاهتمام
لا شكّ في أنّ اهتمام التحالف هو الاستثمار الأقل تكلفةً والأكثر أهميةً في الوقت نفسه الذي يمكن توظيفه في الموصل. ويمثّل إبقاء تركيز القيادات في بغداد و«إقليم كردستان» ونينوى مُنصبّاً على إرساء الاستقرار واستمرار التواصل والتنسيق فيما بينها، المساهمة الأكبر التي يمكن للتحالف تقديمها.
مايكل نايتس هو زميل «ليفر» في معهد واشنطن ومؤلف التقرير الذي أصدره المعهد بعنوان «كيفية تأمين الموصل».

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة