الاعتراف بالحقيقة

مع كل اقتراب من موعد الانتخابات تصر بعض الاحزاب والكيانات السياسية على معاودة تكرار آليات الانتخابات في العراق وترفض أي تعديل لقانون المفوضية او آليات اختيار أعضائها وتحاول داخل قبة البرلمان التحجج واجترار الاساليب في تقديم مرشحيها والاستعراض امام وسال الاعلام والرأي العام والادعاء بأنها تمتلك الحلول السحرية لانقاذ البلاد من هذا الفشل المريع الذي احاط بالعراقيين طوال عقود من الزمن من دون ان تعي ان نفورًا وصدوداً من قبل الشعب ينتظر ممارسة هذا الاستحقاق ..وبدلاً من ان تكون تجربة الانتخابات تجربة ثرية تتطلع اليها الشعوب الحرة بوصفها عنواناً من عناوين الحريات العامة وبدلا من ان تعوض هذه التجربة العراقيين عن التجارب المريرة التي اجبروا على ممارستها في النظام السابق والمتمثلة بالانتخابات والاستفتاءات الصورية اقدمت احزاب مابعد 2003 على تشويه هذا الحق الدستوري ومارست عبر اكثر من تجربة شتى انواع التشويش على الناخب الوطني ووظفت الاخفاق الحكومي في اخراج هذه الممارسة إخراجاً محصناً ومهنياً ومستقلا عن أية تأثيرات او انحيازات لطرف من الأطراف ..ان الحقيقة المرة التي يجب ان نعترف بها ولو متأخراً ان اغلب الاحزاب السياسية باستثناء التيار المدني في العراق كانت تتفرج على الانتهاكات الواسعة في آليات الانتخابات التي سميت ديمقراطية ولم تكن تمتلك في محتواها وجوهرها روح الديمقراطية ولم تكتف هذه الاحزاب بهذا التفرج بل استغلت الثغرات الكبيرة ونقاط الضعف الواضحة في آلياتها ومنهجها ونال مرشحوها نقاط الفوز من دون استحقاق ويمكن القول ان اعلان الفشل انطلق مع موافقة الزعماء السياسيين على اقتسام الحصص والمقاعد في مفوضية الانتخابات عبر اجتماعات واختيارات سياسية لا عبر اجتماعات واختيارات محايدة ومهنية ومن يريد الحقيقة كاملة ليطلع على تجربة اول انتخابات في العراق عام 2004 كانت فيها مفوضية الانتخابات مفوضية مستقلة ومهنية اختارتها الامم المتحدة على وفق سياقات سرية في مركز يونامي في عمان ورفضت كل الضغوط التي مارستها احزاب وكيانات سياسية لتشويه هذا الاختيار واغتيال أول تجربة حية يمارسها العراقيون في الديمقراطية لابل ان المنظمة الدولية رفضت في حينها أية املاءات من قبل اعضاء الجمعية الوطنية بشأن اختيار اعضاء المفوضية واصرت على تمثيل حقيقي لكل فئات الشعب العراقي وفي الوقت نفسه التدقيق في ملفات كل اعضاء المفوضية واجراء الاختبارات المطلوبة التي تؤكد استقلاليتهم ومهنيتهم وباستثناء الانتخابات الاولى في العراق لم يشهد العراق انتخابات عادلة ومتوازنة أخرى مع دخول المال السياسي والتمويل الاقليمي للحملات الانتخابية ودعم المرشحين ومع انهيار الاسس العادلة في اختيار المفوضية المستقلة للانتخابات التي بقي من استقلالها العنوان فقط وتقاسم اختيار اعضائها احزاب السلطة على مرأى ومسمع الملايين في العراق وخارجه .
د.علي شمخي

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة