أميركا السعودية

 نصيف فلك*

ليس هناك عدو دائم ولا صديق دائم. تلك هي فلسفة السياسة الاميركية كما يزعم الساسة، و على ضوء المفهوم اميركا اليوم عدوة لنا كما سأثبت في هذا المقال وفي التجارب الاخيرة مع العراق، ولكن ما السر الفطحل في العلاقة الدائمة بين اميركا والسعودية ؟

هذه الايام اكتشفنا بعض ملامح سر العلاقة العظيمة بين اميركا والسعودية وفككنا بعض الالغاز العصية على الناس، كل هؤلاء الناس سجناء نظرية المؤامرة فهم لا يملون ولا يكلون من القول بأن اميركا وراء كل ما يحدث هنا وفي العالم. وكنت دائما اقول لمثل هؤلاء الناس : ان اميركا لها وجوه كثيرة فلا يمكن لنظرية المؤامرة الصمود كثيراً امام العقل النقدي. هذه الايام اكتشفنا بأن اميركا والسعودية يعملان بجد ونشاط محموم على كنس المجاهدين الارهابيين من اوروبا واميركا ودفعهم الى العراق حيث يتم احراقهم بواسطة الشعب العراقي وهم يفجرون انفسهم وسياراتهم المفخخة. كما تعمل السعودية واميركا بهمة ليل نهار على أمن اسرائيل وحمايتها من كل شر وخطر وقدر. طبعاً ، هذا ليس اكتشافاً خطيراً ولا حلاً للغز العلاقة بين اميركا والسعودية لكني أعتقد بأن هناك اسرار أعمق لا نستطيع كشفها والنيل منها ونحن نهيم في متاهات نزيفنا اليومي ، قلها اكتشفنا ما هو مفضوح ومكشوف وواضح.

حيرتني دائماً وطويلا ألغاز العلاقة المتينة بين اميركا والسعودية، فاميركا بلد مفتوح على كل قارات العالم ويحتوي على جميع أجناس البشر. بلد مثل اميركا كيف تتورط بعلاقة حب أعمى مع السعودية البلد المغلق والقبيح بماضيه وحاضره وربما حتى مستقبله، 

هذا المستقبل الذي رأينا ملامحه في (داعش) ، هو بلد مقفول على قومية واحدة ودين واحد ومذهب واحد ما عدا أقلية شيعية يعاملونهم بوحشية وعنصرية وطائفية لا تراها اميركا لأن حبها للسعودية أعمى، كما لا تراها منظمات حقوق الانسان وبقية منظمات الامم المتحدة ولا تراها أي دولة متطورة تكنلوجيا من خلال أقمارها المنتشرة في كل بقاع الارض وعندها مخابرات ترصد حركات ابو بريص بين طيات الرمال، كل هؤلاء لا يرون ما يحدث في السعودية والبحرين وقطر والامارات. عجيب، ما الذي يربط اميركا ببلد ليس فيه كنيسة واحدة وعنده مدارس بعدد فايروس(كارونا) تمتد من نيجريا الى افغانستان كلها تدرس فن التكفير وفلسفة كراهية الاخر، لذلك يعد هذا العصر الذي نحن فيه عصراً سعودياً بامتياز لأنه عصر الارهاب.

كما أنه يحتقر النساء ويعاملهن دون مستوى معاملة الإبل. بلد بكل هذا القبح في عدم احترام الانسان تربطه بأميريكا علاقة حب أعمى كعلاقتها باسرائيل المدللة . ما هي اسراراً وألغاز وخفايا علاقة اميركا بالسعودية؟ هل هو النفط ، لكن فنزويلا عندها نفط والعراق وايران ودول اخرى؟ هل هو الموقع الجغرافي ، ربما ولكنه ليست بموقع تركيا وايران والعراق ومصر، لماذا السعودية أهم من جميع دول العالم لأميركا ما عدا اسرائيل طبعا ؟

هل هو الجهل والتخلف في السعودية بحيث يمكن قيادتها بسهولة يمكن خداع الشعب السعودي بلعب اطفال مقابل النفط ، ولكن ذلك غير صحيح فهناك الكثير من الدول تسود فيها الامية و الجهل وترتع فيها التخلف، ثم ان الشعب السعودي فيه مفكرون عمالقة وكتاب ثورييون كبار وادباء وفنانون ينحني لهم الجميع،كل هؤلاء خرجوا من ذات الجحر الذي خرج منه اسامة بن لادن والكلباني والعريفي واخطر المجاهدين فتكاً ؟ اذن ما اسرار تلك العلاقة الشاذة بين اميركا والسعودية؟ لماذا جعلت اميركا العراق مكباً لمزابل المجاهدين حين كنست كل الارهاب من جميع دول العالم ورمتهم هنا عندنا ؟ السعودية تنتج مزابل جهادية توزعها على خارطة العالم ، ثم تأتي اميركا لجمع هذه الزبالة الارهابية في حاويات عقائدية لتلقيها في العراق حيث تنتشر الحرائق اليومية في شوارعنا ومدارسنا واسواقنا ، هم يحرقون انفسهم بنا وتنتشر النار لتحرق مدننا. الانتحار الجهادي عقيدة وهابية خرجت من بيئة السعودية، إذ لا يمكن ان تنتجها أي بيئة في العالم غير بيئة السعودية، كذلك عقيدة التكفير هي أيضاً صناعة سعودية بامتياز وماركة يثرب فالعراق عندهم لم يزل بستان قريش. ولكن يا جماعة ما علاقة اميركا بقريش ويثرب والوهابية والذبح والتفخيخ العقائدي وهي أم الدينا فـي الديمقراطيـة ؟

*كاتب عراقي

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة