بعد عام ونصف العام على افتتاحه
نينوى ـ خدر خلات:
قبل عام ونصف العام، وعندما كان الخراب والدمار يعم الكثير من اجزاء مدينة الموصل، التي لم يمر سوى أسابيع على الاعلان عن تحريرها بالكامل، انبرت نخبة من مثقفي المدينة ومن قاماتها الاعلامية والادبية وبنشاط محموم من قبل مجموعة من الشباب المتطوعين لتأسيس “الرصيف الثقافي” في نهاية آب / اغسطس من عام 2017 في منطقة المجموعة الثقافية، والتي استمرت نشاطاته والاقبال عليه لغاية يومنا هذا، بل ان سوء الاحوال الجوية لم يمنع عشاق الفن والادب والثقافة من زيارته كلما سنحت لهم الفرصة، كما ان زيادة عدد المرتادين لهذا الرصيف ترتفع وتستقطب المزيد من الشرائح الاجتماعية في محافظة نينوى.
يقول الاعلامي الموصلي احمد الزيدي لـ “الصباح الجديد” ان “الرصيف الثقافي في منطقة المجموعة الثقافية بجانب جامعة الموصل، يعد اول رئة ثقافية تنفست من خلالها مدينتنا الحبيبة اوكسجين الحياة الذي كان ممزوجا برائحة البارود واهات الشهداء الابرياء ةالجرحى من المدنيين ومنتسبي القوات الامنية البطلة”.
واضاف “البعض راهن على ان هذا الرصيف مجرد نزوة ثقافية واستعراض قصير الامد وانه لا توجد اسباب لديمومته، لكن بعد مضي اكثر من 17 شهرا بقليل، وبرغم الاجواء الباردة في شتائنا الحالي، الا ان رواد الرصيف الثقافي مستمرون في زيارته وهنالك جمهور من شتى الشرائح يرتاد هذا التجمع الذي بات نقطة جذب لمحبي الثقافة والفنون والاداب من اهالي الموصل خاصة ومن اهالي نينوى بشكل عام”.
ويرى الزيدي ان “الرصيف الثقافي بالموصل بحاجة ماسة الى اهتمام الحكومة المحلية والمراكز الثقافية، من خلال تقديم اي دعم، خاصة من ناحية توفير معدات لوجستية مثل الكراسي والمناضد الرفوف وحتى المظلات التي تقي من المطر وشمس الصيف، اضافة الى دعم القائمين على هذا النشاط باية وسيلة كانت”.
وتابع “هذا الرصيف الثقافي هو بحد ذاته رسالة لكل من لم يعرف الموصل جيدا وغير مطلع على حجمها وثقلها الادبي والثقافي ليس على مستوى العراق، بل على المستوى العربي، لانها انجبت قامات اعلامية نعتد بها ويعتد بها ايضا غيرنا”.
ويقول متابعون ومهتمون ان “الرصيف الثقافي” في الموصل انشئ على غرار شارع المتنبي في بغداد، وشهد ويشهد معارضا للكتب وللوحات تشكيلية محلية وعراقية، مع اقامة مسرحيات قصيرة والقاء محاضرات من قبل مختصين في مختلف الفنون الادبية والثقافية.
اما الشاعر جمال الرمضاني فقال في تصريح لمركز نينوى الاعلامي، تابعه مراسل “الصباح الجديد” انه “تعودنا وتعود (محبو الثقافة والفنون في) مدينة الموصل ان ياتون الى هذا الرصيف، رصيف الكتاب، لما لهم من ولع في تحريك الفكر وبنائه على اسس سليمة وصحيحة، ونرجو ان تكون هكذا، وهذه حقيقة هي ظاهرة طيبة، وبارك الله بكل من ينقل هذا الحدث بلا رتوش، ونحن ممتنون جدا لمن ينقل ذلك”.
واضاف “نسال الله العظيم ان يديم هذه النعمة علينا بهذا الامن والامان في داخل الموصل الحبيبة وهي تزهو فعلا بمثقفيها وقرائها وبمن يكتب الشعر والنثر، وهنالك ملتقيات في اماكن اخرى، وهذا الرصيف دار للعلم والمعرفة”.
اما الفنان الموصلي رأفت الجم فقال “اليوم انا في جولة في منطقة المجموعة الثقافية، ولدي فكرة كاملة عن رصيف الكتب وعن القائمين عليه، هذه المبادرة الجميلة من مجموعة طيبة من المثقفين والادباء من اهالي الموصل الذين يحالون جاهدين ان ينقلوا الفكر الواعي للشباب والثقافة والتحضر”.
مبينا انه “هنالك من يشتغل ويتعب من دون مقابل وكل غرضهم ايصال الفكرة وتوعية الناس وبناء مجتمع متحضر، وهذا موضوع يدعو للفرح، وبرغم الاجواء الباردة والطقس البارد والتفاصيل الجوية الاخرى، الا ان الناس موجودين بكثرة والجمهور موجود وهنالك كتب ومن يلقي محاضرات وتفاصيل اخرى كثيرة برصيف الكتب تشرح القلوب”.
اما الروائي الموصلي حسين رحيم قال “هذا النشاط العفوي الذي يتبناه مجموعة من الشباب يعكس الجانب الابداعي لدى الشاب الموصلي بعد الحرب، و هذه النشاطات ذات طابع عفوي وجميل في الوقت نفسه ، وانا احيي هذه الجهود على الرغم من الامكانيات البسيطة التي يقدمونها لكنهم يقدمون شيئا نوعيا يتعلق بالوعي وبالاستمرار بالحياة ضد التخلف وضد التراجع”.