دعوة لإعلان الموصل مدينة منكوبة

غالبا ماتتعرض الدول الى كوارث منها طبيعية واخرى مفتعلة ، تكون نتيجتها تدمير في البني التحتية وضحايا بشرية وخسائر مادية كبيرة ، ولحجم الدمار الذي تتعرض له هذه المدن ، ولعدم قدرة حكوماتها على مواجهة تلك المخاطر من حيث المتطلبات المادية والجهد العمراني ، فأنها تلجأ الى اعلان هذه المدن على انها منكوبة للاستفادة من القرارات الاممية ومعاهدات جنيف لحقوق الانسان وبقية المنظمات الانساية في كل بقاع العالم التي تلزم بتقديم المساعدات المالية وفرق العمل وتسخير اكبر قدر ممكن من الايفاء بواجباته الانسانية تجاه تلك المدن.
وعلى اساس ذلك ، فأن ماتعرضت له الموصل ، من اجرام داعش وعدوانيته وايغاله في عمليات التدمير والتخريب ، طال نسباً كبيرة جدا من البنى التحية ، ليتعدى ذلك وبكل وحشية واجرام الى قتل المدنيين الابرياء ، وتفجير الصروح الدينية والثقافية والتراثية والعلمية وسرقة المصارف ، بل والتفنن في اساليب القتل والتي عدها حالة لترويع الناس وجعلهم في وضع المستضعفين الذين لاحول لهم ولا قوة ، اضافة الى احتكار كل الخيرات والمادة الغذائية وحجبها عن السكان او بيعها لهم باسعار خيالية .
ان ماحصل في الموصل من خراب وتدمير، على ايادي الطغمة الداعشية ، وهو مايندرج على وفق المقررات الاممية والعالمية ، هو حرب شعواء بفعل بشري متقصد واجرام وحشي بحق السكان المدنيين ، وهو في حقيقة الامر قد فاق كل الاعتبارات والصيغ التي تتحدد بموجبها اقرار نكبة المدن او السكان ، ولم يحصل له مثيل في التأريخ المعاصر ، بل طال هذا الاجرام معظم مدن وعواصم العالم بحيث اصبح خطرا يهدد العالم برمته ، وراحت كل دول العالم تحسب له الف حساب ، وتخطط لصياغة برامج للحماية والمواجهة واتخاذ اجراءات مشددة لمواجهته او الحد منه ، لذلك تعاطف كل العالم مع العراق وهو يخوض حربا شرسة وقاسية جداً لسحقه والقضاء عليه وتخليص العالم منه .
ومن خلال ذلك لابد للعراق ان يتعامل مع الملف الداعشي بدقة متناهية لاتتحدد بالقضاء عليه فحسب ، بل بدراسة وبحث كل التداعيات التي نتجت عن وجوده في الارض العراقية ، ولعل في مقدمتها ، دراسة مشروع اعلان الموصل مدينة منكوبة ، وهذه القضية ينبغي ان تتم من خلال توافق الرئاسات الثلاث ، بعد توفير كل المستلزمات والوثائق والشهادات التي تؤكد احقية العراق باعلان نكبة الموصل ، واحقيته ايضا بالاستفادة من المساعدات والجهود الاممية والعالمية التي اقرتها قوانين وانظمة الامم المتحدة ومعاهدات جنيف لحقوق الانسان وبقية المنظمات الانسانية والطوعية في العالم ، ذلك ان اعادة اعمار الموصل ليس بالامر الهين ، وليس هو ايضا جهد دولة واحدة ، فمهما بلغت قدرة العراق المالية والاقتصادية الا انها لاتستطيع اطلاقاً ان تنفرد بهذه المهمة لوحدها فقط ، سيما وان العراق اليوم اصبح مستنزفا ماليا من جراء الازمة الاقتصادية العالمية ، وقبلها استنزافه من خلال تمويل الجهد العسكري القتالي ضد تنظيم داعش البغيض .
اضافة الى ماتم ذكره اعلاه ، فأن اعلان الموصل مدينة منكوبة ، له دلالات ومعاي اخرى من بينها ، كسب ود وتعاطف الرأي العام العالمي والحكومات ، واستثمار هذه المشاعر لتكوين جبهة شعبية عالمية تناهض العنف والارهاب وتعارض بشدة الوجود الداعشي وفكره المتطرف البغيض ، في اية بقعة من بقاع العالم ، وكذلك اشعار العالم انسانيا بالاعداد الهائلة من النازحين الذين هاجروا بسبب الهرب من اجرام داعش وعدوانيته ، وهم يعيشون في اسوأ الظروف واتعسها ، ناهيك عن العدد الكبير من الاطفال والمسنين والمرضى الذين لايحظون بالرعاية المطلوبة التي تتطلبها ظروف حياتهم ، وبالوقت نفسه ، فأن اعلان نكبة الموصل ، ستوحي للعالم بأن العراق بلد متحضر يتفهم قوانين وانظمة العالم ، وهو عندما يسعى لممارسة حقه الاممي انما هو يمارس حقه الانساني تجاه شعبه ، وبالاخص تجاه سكان اهل الموصل ، لانه لن يقبل بالحد الادنى لاعمار هذه المدينة والتي هي ثاني اكبر مدن العراق ، انما يريد ان يعيدها الى اجمل واحلى مما كانت عليه ورد الاعتبار لسكانها الاكارم ، وبذلك يكون قد اوفى بحق هذه المدينة التي افقدها تنظيم داعش الاجرامي كل خصوصيتها وهيبتها وقيمتها .
رياض عبد الكريم

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة