بغداد- وداد إبراهيم:
القاعات والأروقة التي تحتضن العروض الفنية التشكيلية، تعد هي الاكثر اهمية في سفر الفن، والشاهد الحقيقي على مستوى الفن العراقي، وحجم الابداع، وكيفية تطور الاعمال التي تعرض في معارض دائرة الفنون، ومتحف الفن الحديث “كولبنكيان”، وميزان، ودجلة، واينانا، ورؤية، وقاعة سميرة عبد الوهاب “في الشيراتون”، والاورفلي.
قاعات تناثرت في قلب العاصمة بغداد وفي اهم مناطق بغداد، الوزيرية، وشارع ابو نواس، والباب الشرقي، والجادرية، تستقبل عشاقها وروادها وهي في كامل اناقتها، وكمالها، وروعة عروضها كانت تمثل المشهد التشكيلي العراقي، ومن المؤكد ان هذا المشهد كله لا يعبر عن السحنة الظاهرية، بل يعبر ايضا عن المواقف الداخلية للمعروض الفني، والذي نتعرف اليه من خلال عملية التذوق الفني.
الناقد والكاتب مؤيد البصام كانت له رؤية في هذا الموضوع حيث قال: ان تاريخ الحركة التشكيلية، يؤكد على ان عروض الفن التشكيلي كانت تقام في البيوت، أي ان القاعات كانت في بداياتها فردية، وهذا يدل على وعي الاوساط الفنية لأهمية العرض التشكيلي امام الجمهور، من اجل المشاهدة، والتمتع، والنقد، حتى السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، ثم تأسست قاعة وداد الاورفلي، وقد تضمنت العديد من النشاطات الفنية، وإضافة الى العرض التشكيلي، كان هناك معزوفات موسيقية، وقراءات شعرية.
وتابع البصام قائلا: تأسست في بغداد فيما بعد 30 قاعة عرض، منها مثلا قاعة مدارات، وكان فيها مؤلفون، وعازفون، ولها عدة نشاطات، لذا كان الفنان التشكيلي مهتما بالشعر، والموسيقى، والمسرح، لان بعض الفنون تقام في مكان واحد، ففي معارض الفن التشكيلي تجد ممثلين، وعازفين، وشعراء، لكن بعد الثمانينيات، او كما يقال بعد الحداثة، انحسرت هذه الفعاليات، لما مر به العراق من حروب، وبعد عام 2003 اغلقت القاعات، والكل يعرف ان تراجع القاعات يعود الى اسباب امنية واقتصادية، الان بدأت القاعات تعود، وتفتح ابوابها للعروض التشكيلية، ونتيجة التطورات الامنية والاقتصادية، ومن اجل ان تجلب جمهورها ثانية، ارتأت هذه القاعات اقامة بعض النشاطات، و الفعاليات وانا من المشجعين على عودة النشاطات المنوعة للقاعات الفنية، وان تكون هناك لحمة بين كل الفنون، بما فيها المسرح، والموسيقى، والشعر، والفن التشكيلي، حتى يمتلك الفنان والمثقف ادواته ولا يكون حرفيا، بل يكون محتويا للمشهد الثقافي في البلد.
وعن مستقبل القاعات فقال البصام: انا اشك في ان تتطور قاعات الفن التشكيلي، لأننا لا نمتلك طبقة وسطى، وعادة فان الطبقة الوسطى هي التي تقود النهوض، والتطورات في المجتمعات، والمعروف ان الطبقة الوسطى في العراق دمرت، او هربت الى الخارج، او قتلت، وبعضهم انزوى في البيت، او همش، فأصبح هناك طبقتان هما النخبة، وعامة الناس، عامة الناس لا تستطيع الوصول الى مفاهيم النخبة لأنها لا تمتلك ثقافة، فلا تفهم ما يقدمه النخبة، والنخبة لا تستطيع الوصول الى عامة الناس، لان تطلعاتها الخاصة تحول دون ذلك، وهذه هي مهام الطبقة الوسطى، فهي التي تدير تطور الاقتصاد، والفنون، وهذا يحتاج الى فترة طويلة كي نصل الى نهوض طبقة وسطى مرة اخرى.
اما الفنان والخبير الفني حيدر سالم فقال: ان المعارض عبارة عن تجمع من الناس، ومن الصعب ان تجد في المعارض أحدا يتأمل لوحة، او يناقش انشاء، او تكنلوجيا اللوحة، او خلفية الفنان، فالجمهور الواعي موجود، لكن ما يحدث هو التجمع حول المسؤول الذي يحضر الافتتاح، إضافة الى ان المعارض التي تقام تفتقر الى النقاد، فهل هناك من كتب وناقش دليل الفنان؟ لان اللوحة ليست مجرد ألوان، بل هي عصارة فكر، ونقطة حساسة كونها تشكل معاناة فنان.
نقاد وخبراء فنيون ينتقدون حالة المعارض التشكيلية
التعليقات مغلقة