شواهد الحرب تكسو الطريق الممتد من تكريت إلى كردستان

مداخل المدن «خراب وأبنية محترقة».. وأعلام الدولة تختفي

بغداد ـ كميران علي:

توحي كل المشاهد على الطريق الطويل الممتد من مدينة تكريت مركز محافظة صلاح الدين إلى إقليم كوردستان العراق بأن البلد دخل في أتون حرب مدمرة جديدة لا يمكن التكهن بمجرياتها المتسارعة.

ورغم خطورة الطريق إلا أن آلاف العراقيين يسلكونه يوميا للوصول إلى إقليم كوردستان بحثا عن الأمان الذي ظل هاجسا يشغل بال العراقيين على مدى السنوات الماضية.

وتؤشر الأحداث المتسارعة وتداعياتها إلى ان العراق على شفا الحرب الأهلية بين السنة والشيعة جراء التجييش الطائفي وردة فعل الحكومة التي تقودها الشيعة تجاه ما يجري ولجوئها فيما يبدو إلى طائفتها لصد هجوم متشددين سنة.

وعلى الطريق الممتد من تكريت مسقط رأس صدام حسين تشي كل الشواهد بأن العراق يعيش حربا حقيقية تهدد بتقسيم البلاد وإشعال نزاع طائفي قد يمتد لسنوات ويترك تداعيات واسعة.

عند الدخول إلى تكريت من بوابتها الجنوبية يتراءى أمام الأعين لمحة لما يمكن أن تؤول إليه الأحداث الجارية حيث تحول مركز محافظة صلاح الدين إلى مدينة أشباح.

ويحرس المدخل مسلحان على طرفي الطريق يراقبان حركة السيارات التي تدخل وتخرج من المدينة ويسهلان حركة سير العربات دون أن يسألا أحد عن وجهتهم أو هوياتهم.

وعلى مسافة قريبة من مدخل المدينة حيث مبنى المحافظة الذي تحول إلى ركام ويكسوه الخراب وسواد الدخان وكذلك تم تسوية تمثال صلاح الدين بالأرض والذي تحمل المحافظة اسمه.

أما القصور الرئاسية التي بناها صدام وشغلها فيما بعد مسؤولون عراقيون وضع مسلحو الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) يدهم عليها على اعتبار أنهم ينظرون لأنفسهم بأنهم الحكام الجدد للمناطق التي سيطروا عليها.

وبدأ المتشددون الإسلاميون إضافة إلى فصائل سنية مسلحة ساخطة على الحكومة التي تقودها الشيعة بهجوم كاسح الأسبوع الماضي من مدينة الموصل مركز محافظة نينوى.

وخلال أيام استولوا الموصل وتكريت وأجزاء من محافظتي ديالى وكركوك في مسعى للوصول إلى العاصمة بغداد.

وتنتشر حواجز التفتيش عند الخروج من المدينة صوب الشمال ويحرسها مسلحو الدولة الإسلامية وتعلو فوقها راية المتشددين السوداء والمكتوب عليها باللون الأبيض عبارة «لا إله إلا الله محمد رسول الله».

ولم توقف الحواجز المارة أو حتى تسأل عن هوياتهم باستثناء واحد لكن لم يلاحظ خلال فترة عبورنا حجز أي أحد.

وعلى طول الطريق تجد عربات عسكرية من نوع همر أمريكية الصنع عائدة للجيش العراقي وسيارات ومباني حكومية مدمرة في مشاهد تعكس الخسارة الفادحة التي مني بها الجيش العراقي أمام زحف المتشددين.

وكان أغلب المسلحين يرتدون السراويل العربية الفضفاضة المنتشرة في العراق في دلالة على انهم من أبناء البلد بينما كانت هناك قلة منهم يرتدون الزي الأفغاني الذي عادة ما يرتديه المسلحون المتشددون.

وعند آخر حاجز على حدود محافظة صلاح الدين في منطقة مريم بيك وقبل الدخول لحدود محافظة كركوك يظهر من بعيد العلم الكردي.

وعند الوصول إلى العلم عند أول جسر لكركوك فأن البيشمركة وهي قوات حرس اقليم كوردستان لا تدقق كثيرا ويشعر النازحون بارتياح كبير لوصولهم إلى بر الأمان قبل تكملة الطريق وصولا إلى أربيل.

حتى أن انتشار قوات البيشمركة في كركوك بدل قوات الجيش العراقي التي فرت من مقارها مؤشر آخر على تبدل الواقع الذي كان سائدا قبل هجوم داعش.

ويسلك الآلاف هذا الطريق يوميا رغم ما تحمله من مخاطر على حياتهم في قلب المنطقة المشتعلة بالعراق ويقول الكثيرون إنهم لا يجدون سبيلا إلا الخوض في هذه المجازفة.

سعد عماد وهو شاب في العشرين تحدث عند الحاجز الأمني الرئيسي في كركوك «لا مجال سوى الهرب الى كوردستان ففي بغداد الخوف من المليشيات وداعش وفي أي مكان في العراق هناك خوف لا مجال سوى اربيل».

ووجد مئات آلاف المدنيين السنة بين ليلة وضحاها أنفسهم عالقين بين متشددين إسلاميين وميليشيات شيعية بدأت الحكومة العراقية بالاعتماد عليها لصد هجوم داعش.

وبعد يوم من سقوط الموصل دعا رئيس الوزراء نوري المالكي إلى تشكيل جيش رديف من المدنيين بعد انهيار معنويات الجيش النظامي وهو ما أدى لتدفق المدنيين على مراكز التطوع وبخاصة بعد فتوى المرجعية الدينية العليا في العراق بوجوب مقاتلة مسلحي داعش.

وزادت هذه التطورات من مشاعر التجييش الطائفي وأرسى مخاوف عظيمة بين أبناء الشيعة والسنة على حد سواء من حرب طائفية على غرار ما حصل بين عامي 2006 و2008.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة