الصباح الجديد ـ متابعة :
استهلت أسعار النفط الخام تعاملات الأسبوع على ارتفاع، وسط أنباء عن عقد قمة عالمية لبحث تسوية الأزمة الأوكرانية التي تهدد إمدادات الطاقة حول العالم.
يأتي ذلك في وقت تعاني فيه السوق النفطية الضيق في المعروض، على الرغم من زيادة الإمدادات نسبيا من تحالف “أوبك+”، حيث ينمو الطلب بوتيرة أسرع جراء التعافي من تداعيات الوباء وفتح الاقتصادات الدولية وانتعاش حركة النقل والسفر.
وقال لـ”الاقتصادية” محللون نفطيون “إن وزراء الطاقة في تحالف (أوبك+) الذين يلتقون مجددا مطلع الشهر المقبل في إطار اجتماعات شهرية لتقييم مستجدات السوق واستعراض أحدث بيانات العرض والطلب والمخزونات يميلون إلى التمسك باتفاق الإمدادات الحالي حتى مع استمرار تزايد التوقعات ببلوغ وشيك لأسعار النفط مستوى مائة دولار للبرميل”.
وذكر المحللون أن ارتفاع أسعار النفط الخام إلى مستوى مائة دولار للبرميل قد يدفع شركات التكرير في دول الاستهلاك خاصة الهند إلى تنويع سلة وارداتها من النفط الخام، في ظل تزايد المخاوف من أن الصراع بين روسيا وأوكرانيا قد يعطل التدفقات ويقلص الإمدادات في السوق، التي تشعر بالفعل بالضيق الواسع في المعروض النفطي.
وأكد روبرت شتيهرير مدير معهد فيينا الدولي للدراسات الاقتصادية أن وتيرة مكاسب الأسعار قد تتقلص مؤقتا بسبب الأنباء عن قمة دولية قد تجد حلا للأزمة الأوكرانية المحتدمة، علاوة على قناعة كثيرين بأن انفراجة قوية على وشك أن تحدث في ملف المفاوضات النووية في فيينا.
وأشار إلى قناعة تحالف “أوبك+” بأن المكاسب السعرية التى حدثت منذ بداية العام الجاري لا تعود إلى أساسيات السوق لكن إلى التوترات الجيوسياسية جنبا إلى جنب مع ضعف الاستثمار الصناعي، لافتا إلى سعى “أوبك+” على الرغم من الصعوبات الراهنة في السوق إلى تأمين الإمدادات وتفادي حدوث أي أزمة في المعروض.
من جانبه، قال ردولف هوبر الباحث في شؤون الطاقة ومدير أحد المواقع المتخصصة “إن (أوبك+) تتمسك بزيادة الإنتاج تدريجيا وتجنيب السوق أي صدمات في العرض، كما تراعي مشكلات وصعوبات زيادة الإنتاج بسبب نقص الاستثمار لدي عدد كبير من المنتجين”، لافتا إلى قول سهيل المزروعي وزير الطاقة الإماراتي “نحن في رحلة لتحقيق التوازن في السوق من خلال زيادة إنتاجنا تدريجيا”، مبررا الإفراط في صعود الأسعار بالمخاطر الجيوسياسية التي تسبب فيها الصراع الروسي الأوكراني الغربي. وأوضح أن تحالف “أوبك+” يتعرض لضغوط متزايدة من عملائه الرئيسين بما في ذلك الولايات المتحدة والهند لزيادة الإنتاج بحجم أكبر، ومع ذلك يتمسك التحالف بخطته حتى الآن ويضيف 400 ألف برميل يوميا كل شهر ليعود إلى مستويات الإنتاج ما قبل الجائحة بنهاية العام الجاري، بحسب الخطة.
بدوره، ذكر ماثيو جونسون المحلل في شركة “أوكسيرا” الدولية للاستشارات أن “أوبك+” لا تتحمل مسؤولية قفزات الأسعار التى تعود إلى المخاوف والمعنويات السلبية وتداعيات التوترات الدولية، مبينا أن هدف التحالف سيظل كما كان منذ انطلاق التعاون قبل أربعة أعوام ويقوم على دعم توازن السوق، حيث إن التوازن هو بالتأكيد يخدم مصالح المنتجين والمستهلكين والاقتصاد العالمي على السواء.
وسلط الضوء على قول الأمير عبدالعزيز بن سلمان وزير الطاقة “إن الاجتماعات الشهرية لتحالف (أوبك+) دليل على التزامها بالشفافية وإدارة الديناميكيات والأحداث غير المتوقعة”، معتبرا التحالف يزداد دوره أهمية في الفترة الحالية والفترات المقبلة، باعتباره القادر على إدارة المعروض النفطي بكفاءة عالية، كما أنه يقيم الطلب والمخزونات بشكل دقيق وفعال.
من جهتها، أشارت نايلا هنجستلر مدير إدارة الشرق الأوسط في الغرفة الفيدرالية النمساوية إلى تفوق الطلب على معدل نمو الإنتاج مع انتعاش الاقتصادات الدولية من الوباء، وهو ما ترك السوق تحت مخاوف وضغوط مخزونات تتقلص بوتيرة سريعة، موضحة أن الغزو الروسي المحتمل لأوكرانيا يمكن أن يؤدي إلى قفزات أكثر حدة في أسعار النفط، ما يطيل أمد التضخم المرتفع في جميع أنحاء العالم.
وفيما يخص الأسعار، ارتفع النفط على نحو طفيف أمس بعد أن أشاعت مساع دبلوماسية جديدة لحل الأزمة الأوكرانية حالة ارتياح في الأسواق من المخاوف المتعلقة بالإمدادات التي أبقت على أسعار النفط قرب مائة دولار للبرميل.
وبحسب “رويترز”، زادت العقود الآجلة لخام برنت 25 سنتا أو 0.3 في المائة إلى 93.79 دولار للبرميل خلال التعاملات أمس.
وارتفعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 35 سنتا أو 0.4 في المائة إلى 91.42 دولار للبرميل.
والأسواق الأمريكية مغلقة اليوم لعطلة رسمية.
وعند تسوية الأسعار الجمعة، حقق الخام الأمريكي ارتفاعا 0.4 في المائة، وصعد خام برنت 0.8 في المائة، في ثاني مكسب يومي على التوالي، بفعل التوترات الجيوسياسية حول أوكرانيا.
وعلى مدار الأسبوع المنقضي، فقدت أسعار النفط العالمية متوسط 1.75 في المائة، في أول خسارة أسبوعية في غضون الأسابيع التسعة الأخيرة، بفعل مخاوف عودة إمدادات إيران إلى السوق، إضافة إلى ارتفاع غير متوقع في المخزونات الأمريكية.
من جانب آخر، تراجعت سلة خام “أوبك” وسجل سعرها 92.79 دولار للبرميل الجمعة مقابل 94.03 دولار للبرميل في اليوم السابق.
وذكر التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول “أوبك” أمس أن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء في المنظمة حقق ثاني تراجع له على التوالي، وأن السلة خسرت بضعة سنتات مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي، الذي سجلت فيه 92.85 دولار للبرميل.