الاعتراف الروسي باستقلال دونيتسك ولوهانسك يذكر بما حدث في جورجيا

موسكو تكرر ما فعلته قبل 16 سنة

الصباح الجديد ـ متابعة:

أعاد اعتراف روسيا بـ “استقلال” ما يسمى بـ “بالجمهوريتين الانفصاليتين” في أوكرانيا الأذهان لما فعلته موسكو في جورجيا بشكل مماثل قبل نحو 14 عاما.
في عام 2008، اعترفت روسيا بـ “استقلال” أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية، وهما منطقتان جورجيتان منفصلتان بعد أن خاضتا حربا قصيرة مع جورجيا تدخلت فيها موسكو.
وجاء الاعتراف الروسي بالمناطق الانفصالية في جورجيا لتبرير وجود عسكري مفتوح في الجمهورية السوفيتية السابقة المجاورة التي تتطلع للانضمام لحلف الناتو، وفق وكالة رويترز.
في ذلك الوقت، وخلال خمسة أيام، ألحقت القوات الروسية هزيمة بالجيش الجورجي وهددت بالسيطرة على العاصمة تبليسي. ولاحقا منحت الجنسية الروسية لسكان المنطقتين.
وتعتبر جورجيا المنطقتين تحت الاحتلال العسكري من قبل روسيا التي كانت أول من اعترف بـ “استقلالهما”. كما اعترفت بـ “استقلال” المنطقتين كل من فنزويلا، ونيكاراغوا، وناورو، وسوريا.
وردا على ذلك، قطعت جورجيا العلاقات الدبلوماسية مع الدول التي أعربت عن اعترافها باستقلال المنطقتين المتنازع عليهما.

الجغرافيا والسكان
ويقع جزء كبير من أوسيتيا الجنوبية على جبال القوقاز بمساحة تصل إلى 3900 كيلومتر مربع، حيث ترتفع بمقدار 1000 متر فوق مستوى سطح البحر.
ويسكن أوسيتيا الجنوبية في الغالب الأوسيتيون بعد أن تم تهجير معظم السكان من العرقية الجورجية بسبب النزاعين، حيث كانوا يمثلون حوالي ثلث السكان قبل سقوط الاتحاد السوفيتي.
أما أبخازيا، فهي تقع على الساحل الشرقي للبحر الأسود جنوب جبال القوقاز الكبرى بمساحة تقدر بـ 8665 كيلومتر مربع.
ويبلغ عدد سكان أبخازيا حوالي 245000، وتعد سوخومي عاصمتها وأكبر مدنها.
كيف بدأت الحركات الانفصالية؟
في أعقاب إعلان جورجيا استقلالها عن الاتحاد السوفيتي المنهار عام 1991، فرض عدد من الحركات الانفصالية الموالية لموسكو سيطرتها على منطقتي أبخازيا وأوسيتيا الجنوبيتين بعد صراع دموي استمر عامين تقريبا.
وتعد هاتان المنطقتان، اللتان تشكلان معا حوالي 20 بالمئة من مساحة الأراضي الجورجية، موطنا لمجموعات عرقية أوسيتية وأبخازية.
وسعت المجموعات الانفصالية الموجودة في هاتين المنطقتين إلى إعادة إرساء الحكم الذاتي التي كانت تتمتع به في أعقاب الثورة الروسية عام 1917. وتلقت تلك الحركات الانفصالية دعما من موسكو لتحقيق مساعي الاستقلال.
على الرغم من أن أوسيتيا الجنوبية شددت على رغبتها في الاستقلال في استفتاء غير رسمي أقيم أواخر عام 2006، إلا أن المجتمع الدولي لم يعترف بذلك وظلت أراضيها جزءا من جورجيا قانونا.
في أغسطس 2008، أرسل رئيس جورجيا، ميخائيل ساكاشفيلي، قوات إلى منطقة تسخينفالي، عاصمة أوسيتيا الجنوبية، بهدف إعادة هذه الأراضي إلى سيطرة جورجيا.
ردا على ذلك، شنت روسيا سلسلة من الضربات الجوية على أهداف جورجية في كل من أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية، قبل الاشتباك مع القوات البرية.
دخلت روسيا بالدبابات والقوات إلى جورجيا في 8 أغسطس بعد أن حاولت القوات الجورجية استعادة منطقة أوسيتيا الجنوبية
وعلى مدار خمسة أيام، دفعت القوات الروسية قوات تبليسي إلى الوراء حتى وقف الجيش الروسي على بعد 30 ميلا من العاصمة تبليسي. وأدى الصراع إلى نزوح 35 ألف جورجي وقتل ما يقرب من 850 شخصا، وفقا لتقرير مستقل لتقصي الحقائق صدر عن الاتحاد الأوروبي عام 2009.

التاريخ يعيد نفسه
واعترف الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، الاثنين، بمنطقي دونيتسك ولوهانسك الناطقين بالروسية في شرق أوكرانيا كدولتين مستقلتين. ووقع على وثائق تعلن أنهما لم يعودا جزءًا من أوكرانيا.
وجاء الاعتراف الروسي بعد أن وجه القادة الانفصاليون للمنطقتين نداء عبر الفيديو لإعلان الاستقلال، وهو تماما ما حدث في منطقتي أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية الجورجيتين عام 2008.
الموقع والسكان
وتقع منطقتي دونيتسك ولوهانسك – المعروفة مجتمعة باسم دونباس ، في شرق أوكرانيا بالقرب من الحدود مع روسيا. وتضم المنطقة كلا من الأجزاء التي تسيطر عليها كييف وكذلك المناطق التي يسيطر عليها الانفصاليون.
ويتحدث معظم سكان المنطقتين البالغ عددهم 3.6 مليون نسمة اللغة الروسية نتيجة لهجرة العمال الروس إليها بعد الحرب العالمية الثانية.
وأصدرت موسكو في السنوات الأخيرة أكثر من 720 ألف جواز سفر روسي لما يقرب من خمس سكان المنطقة، وفقا لوكالة أسوشيتيد برس، وهو ما فعلته أيضا مع منطقتي جورجيا.
في 2014، استولى الانفصاليون المؤيدون لروسيا في منطقتي دونيتسك ولوهانسك على المباني الحكومية وأعلنوا أنها “جمهوريتان شعبيتان مستقلتان”. وجاءت هذه الخطوة في أعقاب ضم روسيا لشبه جزيرة القرم من أوكرانيا.
ومنذ ذلك الوقت، قُتل أكثر من 14000 شخص في معارك بمنطقة دونباس بين الانفصاليين الموالين لروسيا والقوات الأوكرانية. وتتهم أوكرانيا والغرب روسيا بدعم الانفصاليين عسكريا وماليا، وهو ما تنفيه موسكو.
بعد أن تولى الانفصاليون السلطة في منطقتي دونيتسك ولوهانسك عام 2014، أجروا تصويتا لإعلان الاستقلال دون أن تعرف أي دولة فيهما.
ومؤخرا، أعلنت سوريا اعترافها باستقلال دونيتسك ولوهانسك، مثلما ساندت روسيا من قبل في الاعتراف بأبخازيا وأوسيتيا.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة