الصباح الجديد ـ متابعة:
دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون امس الاول الأحد في افتتاح “المؤتمر حول مستقبل أوروبا” الذي نظم بمبادرة منه، إلى اتحاد أوروبي أكثر مرونة، و”أكثر سرعة وحزما” في اتّخاذ القرارات.ويشكل المؤتمر إطارا لمشاورات واسعة النطاق مع المواطنين الأوروبيين عبر منصة رقمية.
ومن المفترض أن يفضي المؤتمر إلى قرارات في ربيع 2022، حين تتسلم فرنسا الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي. ويعتبر هذا الجدول الزمني مناسبا لماكرون الذي يعتزم أن يجعل من الرئاسة الفرنسية للتكتل ورقة في حملته لانتخابات أيار 2022.
وفي قاعة البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ التي تحوّلت إلى ما يشبه الاستوديو التلفزيوني، قال ماكرون “في مواجهة نزعة التسلّط، الرد الصائب الوحيد هو سلطة الديموقراطية” التي “لا تكتسب إلا بالفاعلية والسرعة”.
واغتنم الرئيس الفرنسي مناسبة وجوده في ستراسبورغ للتشديد أمام قادة المؤسسات الأوروبية على “الرمز الحي” الذي تجسّده هذه المدينة على صعيد تاريخ البناء الأوروبي. وقال ماكرون في مقابلة أجرتها معه صحيفة “لي ديرنيير نوفيل دالزاس” “إن كانت بروكسل عاصمة مكاتب أوروبا، فإن ستراسبورغ عاصمة روحها وقلبها، حيث نبتكر مفاهيمها وندافع عن قيمها”.
وبسبب الأزمة الصحية، هجر النواب الأوروبيون قاعة البرلمان في ستراسبورغ قبل أكثر من عام وانتقلوا إلى بروكسل.
هل يعود البرلمان قريبا إلى ستراسبورغ؟
وقال رئيس البرلمان الأوروبي دافيد ساسولي إن “البرلمان الأوروبي قد يعود قريبا جدا إلى ستراسبورغ” من دون أن يحدد موعدا لذلك، فيما دعا ماكرون إلى جعل الجلسة العامة المقرر عقدها في حزيران/يونيو موعدا لعودة البرلمان إلى ستراسبورغ.
ودعا ماكرون إلى “عودة المشاريع الكبرى” في افتتاح المؤتمر الذي اعتبر أنه يشكل حدثا “غير مسبوق” من أجل “تصور مستقبلنا” للسنوات العشر المقبلة.
وهذه المشاورات الديموقراطية والمنصة الرقمية التي من شأنها السماح للمواطنين الأوروبيين بإبداء آرائهم حول مستقبل أوروبا والتي ستستكمل في فرنسا بنسخة وطنية، من المقرر أن تمتد لعام. وعلى الرغم من المفاوضات الشاقة بين المؤسسات الأوروبية التي زادت الشكوك بشأن وجود إرادة لدى الاتحاد الأوروبي لاستخلاص توجهات سياسية حقيقية من هذه المشاورات، شدد ماكرون وقادة الاتحاد الأوروبي جميعا الأحد على أن مقترحات المواطنين ستؤخذ في الاعتبار. واعتبر رئيس المجلس الأوروبي البرتغالي أنتونيو كوستا، الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي أن المؤتمر يجب ألا يكون مقرّه بروكسل.
من جهته اقترح رئيس البرلمان الأوروبي دافيد ساسولي إصلاحات في ميادين عدة لتعزيز دور مؤسسته ومنحها حق إطلاق مبادرات تشريعية على غرار البرلمانات المحلية، معتبرا أن المواطنين يجب أن يكون لهم كلمة في ما يتعلق برئاسة المفوضية الأوروبية.
وهو انتقد مبدأ الإجماع في المجلس الذي يضم الدول الأعضاء، معتبرا أن هذا المبدأ يعوق اتّخاذ القرارات ويمكّن “لاعبين جيو-سياسيين خارجيين” من “الاستفادة من انقسامات” الدول الأعضاء.
وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين “نحن في توقيت بالغ الأهمية للشباب لكي يتمكّنوا من التعبير عن آرائهم”.
غير أن نقطة الاستفهام الرئيسية التي لا تزال قائمة تكمن في مدى مشاركة المواطنين في النقاش، بعد مشاورات سابقة في 2018 آلت إلى فشل، ومبادرة مماثلة عام 2002 نتج عنها مشروع دستور أوروبي أحبطه الفرنسيون والهولنديون برفضه في استفتاءين.