لماذا يعد ستيفن كينغ أشهر روائيي الرعب في العالم؟

جواهر رفايعة

ربما لم تتح لنا الفرصة نحن القراء العرب مطالعة الكثير من روايات الكاتب الأميركي ستيفن كينغ، أحد أهم كتاب الخيال العلمي، لكننا بالضرورة شاهدنا واحدا أو أكثر من أفلام الرعب المقتبسة عن رواياته.
أصدر المؤلف الأكثر شهرة بين الكتّاب المعاصرين 63 رواية طويلة و120 قصة قصيرة و20 رواية قصيرة وخمسة كتب غير خيالية، وتلقف غالبية هذه الأعمال صناع السينما وتحولت إلى أفلام لاقت متابعة عالية وتصدرا في شباك التذاكر العالمي.
ويعد كينغ البالغ من العمر 73 عاما من بين أكثر الكتاب غزارة في الإنتاج، ويواصل نشر الروايات ومجموعات القصص القصيرة بمعدل سريع مع استمرار هوليوود في العودة إلى مكتبته لإنتاج الأفلام، لكن ما الذي يجذب القراء وصناع الفن السابع إلى أعمال كينغ رغم وجود مئات المؤلفين الآخرين.
على الرغم من أن كينغ معروف في الغالب بروايات الرعب، إلا أن عمله يتجاوز مجرد محاولة إخافة القراء والمشاهدين، فقد أظهرت قصص مثل «الخلاص من شاوشانك» و»الميل الأخضر» و»الجثة»، وكلها صدرت في نسخ سينمائية، أنه بارع في سرد القصص الرومانسية التي تمنح الأمل، وقد عرضت بعض قصصه القصيرة الشيء نفسه من خلال الابتعاد عن نوع الرعب لعرض مهارات كينغ الأخرى.
تمزج بعض روايات كينغ مثل «ذا دارك تاور» و»عينا التنين» مزجا غريبا بين الخيال العلمي والرعب والجريمة وخرق الطبيعة والغموض وغيرها، وهذه ميزة ربما لا تتواجد عند كتاب آخرين.
وينفرد كينغ إلى جانب إبداعه في السرد المشوق بالبراعة في التوصيف، فقد ابتكر شخصيات أيقونية لا تُنسى مثل المهرج «بيني وايز» و»جاك تيرانس» و»آني ويلكس»، وكلها شخصيات خيالية ظهرت في الأفلام واستطاعت إثارة الرعب وخلق الكوابيس للمشاهدين والقراء على حد سواء.
ما يثير ويفزع فعلا في أبطال كينغ أننا يمكن أن نرى أنفسنا في شخص مثل جاك تيرانس الذي يعاني من مشكلات حقيقية، وهو نتاج أفعاله، شخص مثل هذا يصبح أكثر رعبا لأنه يمثل الجميع ومن الممكن أن يصبح أسوأ مخاوفهم.
وجاك تيرانس لمن لا يعرفه هو الشخصية الرئيسية في رواية كينغ «البريق»، وتم تجسيده من قبل جاك نيكلسون في فيلم مقتبس من الرواية عام 1980، وستيفن ويبر في مينيير 1997، وبريان موليغان في أوبرا 2016، وهنري توماس في فيلم مقتبس من فيلم دكتور سليب عام 2019.
يستطيع الكاتب الأميركي من خلال شخصياته إظهار جوانب مختلفة من الحياة بما في ذلك الألم والمعاناة والأمل فهو قادر على استكشاف الطبيعة البشرية والأفكار والعواطف أكثر من أي كاتب آخر، ونشعر ونحن نقرأ له أو نشاهد فيلما مقتبسا عن رواياته كما لو أنه ينظر في عقولنا.
في روايتي «مقبرة الحيوانات» و»البريق» اللتين تحولتا إلى فيلمين، ظهرت قدرة كينغ على استكشاف الألم والمعاناة في التعامل مع الموت أو الإدمان، ففي «مقبرة الحيوانات» مثلا، نراقب البطل الرئيسي الذي يتعامل مع فقدان طفل وهو يحاول يائسًا عكس قواعد الموت ونتتبع المشاهد التي تبدو واقعية بشكل مؤلم فيما يتعلق بكيفية رد فعل أحد الوالدين لو كان في نفس الموقف.
أما في فيلم «البريق» فيعرض كينغ لقضية مختلفة فالشخصية الرئيسية تعاني من إدمان الكحول وطوال الأحداث ينحدر جاك تيرانس إلى الظلام في صراعه مع الإدمان، وتمكن كينغ من إضفاء شعور أكثر قتامة ويأسا، ومع ذلك ففي تكملة القصة في فيلم «دكتور سليب» استطاع روائي الرعب من إضفاء المزيد من الأمل على هذه القضية.
بعد قراءة بعض روايات كينغ أو مشاهدة الأفلام المستوحاة من قصصه، يلاحظ القارئ أو المشاهد أن جميع قصصه مرتبطة مع بعضها البعض بطريقة أو بأخرى، في تتداخل مبدع يميزه عن غيره من الكتاب، ونرى شخصياته الشهيرة تظهر في أكثر من عمل في دمج سلس وغير مقحم، وكأن عالم كينغ القصصي عالم واحد، وأبطاله على رف مكتبته يتزاورون ويتحاورون ويعيشون معا، وهذا ما يصنعه كاتب عظيم مثل كينغ.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة