أديب كمال الدين
عندَ كلّ غروب،
نُصلّي أنا والشّمسُ معاً
بلغةِ البحر
عندَ شاطئ البحر.
*
لا أتذكّرُ من الصّيفِ شيئاً
سوى أنّني كنتُ أبحثُ عنكِ
تحتَ شمسهِ الهائلة
وقد امتلأَ قلبي بحروفِ الشّوق
ونقاطِ الرّغبة.
*
كلُّ امرأةٍ نشرتْ قصيدتَها في كتابِ الكون.
أمّا أنتِ فلم تنشري شيئاً.
اكتفيتِ بقطرةٍ من دمي عنواناً لقصيدتكِ
وبموجةٍ من حروفي سُطوراً لها.
*
يُقالُ إنَّ طائرَ الحُبِّ طائرٌ مُلوّن
يطيرُ دائماً إلى الأعالي،
إلى الأعالي
حتّى لا يرى ظلَّ جناحيه على الأرض.
*
كلّما رأيتُ الشّمس
تغرقُ في البحرِ وقتَ الغروب
تلمّستُ موضعَ القلبِ في صدري
وعدتُ مُرتبكاً مُسرعاً إلى البيت.
*
عندَ البحرِ لا أحسُّ بجمالكِ المُثير
ولا أرى بوحَ عينيكِ الغامضتين.
ألأنَّ البحر يسرقُ جمالَكِ أمامي
أم لأنَّكِ تستلمين
لبريقه الذي يفوقُ كلَّ بريق؟
*
طوابع طفولتي
أودعتُها عندَ امرأة عابرة ذاتَ ضياع.
وحينَ طالبتُها بها
لم تُنكرْ طوابعَ الطّفولةِ فقط
بل أنكرتْ أنّها رأتني من قبل.
*
آثارُكِ على الشّاطئ اختفتْ، ففرحتُ.
ثُمَّ انتبهتُ إلى أنّها تحوّلتْ
إلى دموعٍ مُتحجّرة.
يا إلهي، أهي دموعي؟
*
صنعتُ من وجهكِ دُمْيةً كبيرة،
ووضعتُها في حديقةِ قصيدتي القاحلة
حتّى تقف عليها الحروفُ التائهة
أو الجائعة
أو التي نسيتْ طعمَ الماء.
*
حينَ تلتقي زرقةُ السّماء
بزرقةِ البحر
ما الذي يحدثُ لقصيدةِ حُبّي الزُّرقاء؟
*
كيفَ حدثَ أنّكِ ضيعتِني إلى الأبد
كما تضيّعُ امرأةٌ طفلَها الوحيدَ في البحر؟
*
كلُّ الذين تحدّثوا عن الحُبِّ بِعُمق
كانوا مجانين.
لا أشكُّ في جنونِهم
ولا في مِجونِهم.
*
لو طُلِبَ مِن كلِّ امرأةٍ أن تحملَ مرآةً،
فأنا متأكدٌ أنّكِ ستحملين قلبي.
*
يا إلهي،
الورقة الخضراء لشجرةِ الحُبّ
زادها النّدى جمالاً وغموضاً.
*
قريباً من البحر،
وعلى مصاطبِ بوذا الحجريّة
جلسَ الشّحّاذون يقهقهون
وهم يعدّون نقودَهم القليلة.
أمّا أنا فجلستُ أتأمّلهم
لأكتبَ قصيدةَ القهقَهة.
*
الأرضُ تشبهُ القمر
والقمر يشبهُ النّجوم
والنّجوم تشبهُ البحر.
لكنَّ البحرَ لا يشبهني أبداً
فهو يتحرّكُ ليلَ نهار
وأنا ثابتٌ لا أتزحزح.
*
كلّما وجدتُ قارباً مَهجوراً
قربَ شاطئ البحر،
توقفّتُ وأخذتُ معهُ صُورةً تذكاريّة.
*
حينَ تنظرين إليَّ من ثقبِ الزّمانِ الطويل،
أتبكين أم تضحكين؟
*
تتكسرُّ الأمواجُ على شاطئ البحر
بسعادةٍ لا تُوصَف.
لماذا؟
ألأنّها تُقبّلُ الشّاطئ
أم لأنَّ الشّاطئ يشاركها التّقبيل
بدفءٍ ولذّةٍ وذهول؟
*
عند شاطئ البحر،
وجدتُ عظاماً عاريةً كثيرة
لكنّي وجدتُ أجساداً عاريةً أكثرَ بكثير.
*
وضعوا للبحرِ سُلّماً
لينزلَ النّاسُ برفقٍ إلى الماء.
كانَ السّلّمُ طويلاً طويلاً طويلاً
حتّى أنّني حينَ استخدمتُ درجاته الحجريّة
التي لا نهايةَ لها،
أحسستُ أنّي ذاهبٌ إلى المجهول.