صندوق النقد الدولي طوق نجاة الاقتصاد التركي

توقع انخفاض الناتج المحلي الإجمالي للبلاد 5 % هذا العام  

الصباح الجديد ـ وكالات:

قال وارن بافيت، أشهر مستثمر أميركي في بورصة نيويورك ذات مرة، “فقط عندما ينحسر المد، تكتشف من كان يسبح عارياً”. وقالت مجلة فورين بوليسي، إن جائحة “كوفيد 19” فاجأت الحكومات والقطاع الخاص في كل بلد على حين غرة، لكن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، عبر سنوات من سوء الإدارة السياسية والاقتصادية، وضع بلاده في وضع يمكن القول إنه الأكثر ضعفاً من بين جميع الأسواق الناشئة الرئيسية. وإذا أصرّ أردوغان على مضاعفة أخطائه الماضية، فسوف يجلب المزيد من الخراب الاقتصادي لتركيا، مع عواقب مالية وجيوسياسية ستستمر إلى ما بعد نهاية الوباء.

وكان صندوق النقد الدولي قد توقع أن ينخفض الناتج المحلي الإجمالي التركي خمسة في المئة في 2020، وأن ينتعش خمسة في المئة عام 2021. وحسب تقرير الصندوق في إصدار حزيران من تقرير “آفاق الاقتصاد العالمي”، من المتوقع أن يبلغ العجز المالي الإجمالي لتركيا، المحسوب كنسبة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي، 8.4 في المئة في 2020، و7.5 في المئة في 2021. وأن يصل الدين الإجمالي للبلاد إلى 40.4 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2020. متوقعاً أن يرتفع في 2021 إلى 42.2 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، وأن يصل معدل البطالة إلى 17.2 في المئة، وصافي الإقراض والاقتراض الحكومي العام إلى -7.5 في المئة هذا العام.

وعارضت تركيا التكهنات بأنها قد تلجأ إلى صندوق النقد الدولي للمساعدة في التغلب على تداعيات أزمة فيروس كورونا التي ضربت اقتصادها البالغ 750 مليار دولار. في أبريل الماضي قال متحدث باسم الرئيس رجب طيب أردوغان، إنّ التوصل إلى اتفاق مع الصندوق “ليس على جدول أعمالنا”. وقال إبراهيم كالين لمحطة “سي إن إن” الأميركية في نيسان الماضي إن تركيا “لم تكن بحاجة” إلى اتفاق احتياطي.

وورث أردوغان برنامج صندوق النقد الدولي عندما وصل إلى السلطة في عام 2002 على خلفية أزمة مالية حادة، وأصرّ منذ فترة طويلة على أن تركيا لن تلجأ مرة أخرى إلى الصندوق في عهده. وقال في العام الماضي، “أغلقت تركيا دفتر صندوق النقد الدولي، ولن يُفتح مرة أخرى”. لكن أزمة فيروس كورونا أثارت تكهنات السوق بأن أردوغان، الذي تمتلك بلاده احتياطيات محدودة من العملات الأجنبية ومتطلبات تمويل خارجية كبيرة، قد يضطر إلى التراجع عن هذا التعهد، حسب ما أوردته صحيفة فايننشال تايمز.

واليوم، تكافح تركيا مع تسجيلها 249.309 إصابة بفيروس كورونا و5.974 حالة وفاة حسب إحصاءات وورلدميتز، إضافة إلى تأثير الركود العالمي واندفاع المستثمرين العالميين إلى الأمان عبر سحبهم عشرات المليارات من الدولارات من الأسواق الناشئة. وتراجعت احتياطيات تركيا، التي كانت تعتبر بالفعل غير كافية قبل الأزمة، أكثر في الأسابيع الماضية، إذ بلغ إجمالي احتياطيات العملات الأجنبية، بما في ذلك الذهب، 89.6 مليار دولار في بداية أبريل، ويقارن ذلك مع 172 مليار دولار من مدفوعات الديون التي تستحق في الأشهر الـ12 المقبلة.

وبلغت الإحصاءات الرسمية لصافي الاحتياطيات، بما في ذلك ودائع القطاع العام في البنك المركزي، 27.5 مليار دولار في الأسبوع الأول من أبريل. لكن هذا الرقم تضمّن مليارات الدولارات من الأموال المقترضة التي حصل عليها البنك المركزي من خلال اتفاقيات المبادلة مع البنوك التجارية التركية.

في حين حذّر رفيت غوركايناك، أحد الاقتصاديين البارزين في البلاد، أن حاجة تركيا إلى العملة الأجنبية تعني أنه لن يكون أمامها في النهاية سوى  خيار اللجوء إلى صندوق النقد الدولي. وكتب لموقع دوفار الإخباري التركي، “البلاد في نهاية المطاف بحاجة إلى برنامج من صندوق النقد الدولي، لجلب تمويل طويل الأجل بالعملة الأجنبية، ولضمان اعتماد البلاد للإصلاحات الاقتصادية التي تشتد الحاجة إليها”. وأضاف، “سيكون هذا مؤلماً، لكن يجب القيام به عاجلاً وليس آجلاً”.

وقبل وقت طويل من ظهور جائحة فيروس كورونا، كانت تركيا وأقرانها في الأسواق الناشئة يجدون بالفعل أسواق رأس المال الدولية أقل استعداداً، لتمويل عجز حساباتهم الجارية. في آب 2018، ارتفع سعر مقايضات التخلف عن السداد في تركيا (CDS)، التي تؤمن ضد التخلف عن سداد الديون السيادية التركية، إلى أعلى مستوى لها منذ عام 2009. وقد أدّى ذلك إلى منحنى معكوس، إذ تجاوزت تكلفة حماية مقايضات التخلف عن السداد مدة عام واحد التكلفة السنوية للتأمين مدة خمس سنوات، وهي علامة نادرة على الضائقة الاقتصادية الشديدة التي تعانيها تركيا، حسب فايننشال تايمز.

وفي أيار الماضي، ارتفع سعر مقايضات الائتمان في تركيا مرة أخرى، إذ بدأت أسواق رأس المال في التسعير افتراضياً. صُنفت ديون البلاد في المرتبة الرابعة من حيث المخاطر في العالم في ذلك الوقت بعد فنزويلا والأرجنتين وأوكرانيا. منذ ذلك الحين، أدّى الانخفاض في قيم العملات والعائدات الأجنبية، الناجم عن جائحة فيروس كورونا، إلى تعميق الأزمة في جميع الاقتصادات الناشئة، التي تتدافع الآن لتجنب التخلف عن السداد.

 

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة