ميسلون هادي تُحاكي الواقع بأسلوب الخيال العلمي

زينب المشاط

اختارت الناقدة إيمان عبدالحسين مجموعة «ماماتور بابا تور» لميسلون هادي، للحديث عنها بكتاب نقدي يتحدث عن محاكاة الواقع وتقويمه في هذه المجموعة القصصية لأن محط اشتغالها ينطلق من إشكاليات الواقع الراهن عبر الخيال العلمي في ظل التقنيات العلمية المتسارعة، وإفرازات قوتها المتباينة مع نمو المجتمع، ورصد قدرتها على خلخلة هذا المجتمع، مما يجعل المتغيرات التي تطرأ على بنيته ذاتَ طابعٍ استهلاكي مثقل بهاجس التحول، وتحت وطأته، تجري تبدلات عميقة في أهداف المجتمع وتصوراته، ومن أجل تكوين رؤية وحكم نقدي على هذا الواقع الآني، استعارت القاصة الخيال العلمي كأداة لنقد الوضع الاجتماعي، منطلقة من دور الأدب للتصدي لكل ما يصيب الحياة والمجتمع من تحولات غير طبيعية.
وتضم هذه المجموعة، التي تدرسها الباحثة إيمان عبدالحسين، ثلاث عشرة قصة قصيرة هي: (الهدايا العشر – عطر الوردة – كوبي بيست – الاكواريوم – أنا الدليل أنا أضيع – لغة الزمان – ماماتور باباتور – ألم تنس شيئا قبل أن تخرج – فوتوكوبي – ثلاثة أصلهم إنسان – صيحة الهامة – الخطأ القاتل)، وتعتبر كل واحدة من تلك القصص صرخة تنطلق من تراكم الخيبات والنكسات والفواجع والكوارث، وتجسد الهموم الحياتية للإنسان المعاصر، والتي يعانيها بسبب الاعتماد المغالى على التكنولوجيا، والوثوق المفرط بالمبتكرات العلمية، والانخراط الأوتوماتيكي التام فيها.
وفي مختلف هذه المقاربات تجعل القاصة قصصها تنفتح على مشهدية يفسح الكلام فيه مسارا لعمل الخيال واجتهاد العقل في الوقت ذاته، وتقود القارئ إلى فسحة للتأمل والتفكير في مواجهة أسئلة موصولة بفضاءات راهن الواقع الآني.
وهذه القصص تقود القارئ إلى التفكير بهموم العصر والوعي بعمق المشكلة وأبعادها، ومما لا شك فيه أن اتخاذ القاصة الخيال العلمي وسيلة قد تطلب منها الكثير من البحث والتأمل، والعمل الدائب من أجل رفد قصصها بالحقائق العلمية لا سيما أن القاصة تحمل في أغلب أعمالها الإبداعية سعةُ إطلاع، فالنصّ لديها عبارة عن نسيج من المقبوسات ناشئة عن مصادر علمية ترفد فيه القارئ بالمعلومات.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة