يأتي توقيع السيد رئيس الوزراء على الأمر الديواني رقم 70 لسنة 2019 الخاص بتشكيل المجلس الأعلى لمكافحة الفساد، ضمن مساعي الحكومة لتفعيل اجراءاتها الخاصة بمكافحة الفساد، ولمنح الأجهزة الرقابية زخما معنويا وسياسيا للسير في جهودها الرامية الى الوقوف بوجه الفساد والفاسدين. ومن المعروف ان اي تشكيل او اجراء اداري او قانوني، كي ينال صفة المشروعية، لابد من ان يكون مستندا الى نص قانوني نافذ، يحدد الاطار الخاص بذلك الاجراءات. فهيأة النزاهة وديوان الرقابة المالية ومكاتب المفتشين العموميين، تستند الى قوانين نافذة، مشرعة من قبل مجلس النواب. اما المجلس الاعلى لمكافحة الفساد، فهو كيان اداري تم استنادا للسلطة التقديرية التي منحها الدستور للحكومة. وقد ورد في هذا الأمر انه تم تشكيله استنادا للصلاحيات المخولة لرئيس الوزراء بموجب المادة 78 من الدستور، فقد تم تشكيل المجلس الاعلى لمكافحة الفساد.. وبالعودة الى نص المادة 78 نجد انها تنص: رئيس مجلس الوزراء.. هو المسؤول التنفيذي المباشر عن سياسة الدولة والقائد العام للقوات المسلحة، يقوم بإدارة مجلس الوزراء ويترأس اجتماعاته، وله الحق بإقالة الوزراء بموافقة مجلس النواب.. لا يمكن تلمس صلاحية رئيس مجلس الوزراء بإصدار الأوامر الديوانية الا من خلال اعتباره المسؤول التنفيذي المباشر، وان اصدار الأوامر الديوانية جزء من مسؤوليته في ادارة الحكومة. وبالعودة الى مواد هذا الأمر، نجد ان المادة اولا منه نصت على انه يكون المجلس الاعلى لمكافحة الفساد برئاسة السيد رئيس الوزراء وعضوية كل من: مجلس القضاء الاعلى( عضوين) ورئيس ديوان الرقابة المالية ورئيس هيأة النزاهة و ممثل عن مكاتب المفتشين العموميين ومكتب رئيس الوزراء.. وهذا يعني ان هذا الأمر منح مهاما جديدة لكل من التشكيلات اعلاه، علما ان مهام كل تشكيل محدد وفقا لقانونا الخاص بها. اما مسألة منح مهام جديدة او الانخراط بمسؤوليات او اجتماعات او مهام لصالح جهة اخرى غير الجهة الاصل، هو عمل مخالف للقانون.
مهام المجلس
نأتي لمهام المجلس الاعلى لمكافحة الفساد، التي نصت عليها المادة ثانيا من الأمر وهي:
1. اعداد استراتيجية وطنية لمكافحة الفساد ومتابعة تنفيذها.
2. الاشراف على استكمال الاطر القانونية واعادة المنظومة التشريعية وسد الثغرات التي ينفذ منها الفساد.
3. الاشراف على استكمال الأطراف المؤسساتية لمنظومة مكافحة الفساد.
4. توحيد وتنسيق ودعم جهود مكافحة الفساد.
5. مناقشة الصعوبات والمشكلات والمعرقلات التي تواجه مكافحة الفساد وايجاد الحلول لها وتقييم سياسة مكافحة الفساد ومتابعة اعمال الجهات المكلفة بذلك.
وهنا نسأل: هل هناك شيء جديد جاء به المجلس؟ هل ان مهامه تختلف عن المهام الموكلة الى ديوان الرقابة المالية وهيأة النزاهة ومكاتب المفتشين العموميين؟ فلو عدنا الى قانون هيأة النزاهة لوجدنا ان المادة 2 نصت على واجبات هيأة النزاهة وهي تفوق الواجبات المناطة بالمجلس. كذلك قانون الرقابة المالية. لذا، فإن مبررات وجود المجلس اصلا، غير كافية ولا قيمة قانونية او ادارية لها. كذلك باقي الفقرات، كلها نصت على واجبات لهيأة النزاهة، كلها موجودة في قانون الهيأة وهي تتولى القيام بها منذ تشكيلها ولحد الآن. لذا، فإن عملها لا يتأثر لوجود المجلس. ان تشكيل المجلس الاعلى لمكافحة الفساد، اجراء يفتقر الى المشروعية ولا يوجد اي نص قانوني يبيح تشكيله، اضافة الى عدم وجود مبرر لوجوده، في ظل وجود هيأة النزاهة والرقابة المالية والمفتش العام والادعاء العام..
سلام مكي
المجلس الاعلى لمكافحة الفساد.. مشروعية التشكيل
التعليقات مغلقة